أنها قائمة و فيها أقوالالأول: أنهاقائمة في الصلاة يتلون آيات اللّه آناءالليل فعبّر عن تهجدهم بتلاوة القرآن فيساعات الليل و هو كقوله وَ الَّذِينَيَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً [الفرقان: 64] و قوله إِنَّ رَبَّكَيَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْثُلُثَيِ اللَّيْلِ [المزمل: 20] و قولهقُمِ اللَّيْلَ [المزمل: 2] و قوله وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ [البقرة: 238] والذي يدل على أن المراد من هذا القيام فيالصلاة قوله وَ هُمْ يَسْجُدُونَ و الظاهرأن السجدة لا تكون إلا في الصلاة.و القول الثاني: في تفسير كونها قائمة:أنها ثابتة على التمسك بالدين الحق ملازمةله غير مضطربة في التمسك به كقوله إِلَّاما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً [آل عمران: 75]أي ملازماً للاقتضاء ثابتاً على المطالبةمستقصياً فيها، و منه قوله تعالى: قائِماًبِالْقِسْطِ [آل عمران: 18].و أقول: إن هذه الآية دلّت على كون المسلمقائماً بحق العبودية و قوله قائِماًبِالْقِسْطِ يدل على أن المولى قائم بحقالربوبية في العدل والإحسان فتمتالمعاهدة بفضل اللّه تعالى كما قال:أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ[البقرة: 40] و هذا قول الحسن البصري، و احتجعليه بما روي أن عمر بن الخطاب قال يا رسولاللّه: إن أناساً من أهل الكتاب يحدثوننابما يعجبنا فلو كتبناه، فغضب صلّى اللهعليه وسلّم و قال: أ متهوكون أنتم يا ابنالخطاب كما تهوكت اليهود، قال الحسن:متحيرون مترددون «أما و الذي نفسي بيدهلقد أتيتكم بها بيضاء نقية» و في روايةأخرى قال عند ذلك: «إنكم لم تكلفوا أنتعملوا بما في التوراة و الإنجيل و إنماأمرتم أن تؤمنوا بهما و تفوضوا علمهما إلىاللّه تعالى، و كلفتم أن تؤمنوا بما أنزلعلي في هذا الوحي غدوةً و عشياً و الذي نفسمحمد بيده لو أدركني إبراهيم و موسى و عيسىلآمنوا بي و اتبعوني» فهذا الخبر يدل علىأن الثبات على هذا الدين واجب و عدم التعلقبغيره واجب، فلا جرم مدحهم اللّه في هذهالآية بذلك فقال: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِأُمَّةٌ قائِمَةٌ.القول الثالث: أُمَّةٌ قائِمَةٌ أيمستقيمة عادلة من قولك: أقمت العود فقامبمعنى استقام، و هذا كالتقرير لقولهكُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ.
الصفة الثانية: قوله تعالى: يَتْلُونَآياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ و فيهمسائل: