السؤال الأول: إلى ما يرجع الضمير في قولهلِتَحْسَبُوهُ؟.
الجواب: إلى ما دل عليه قوله يَلْوُونَأَلْسِنَتَهُمْ و هو المحرّف.
السؤال الثاني: كيف يمكن إدخال التحريف فيالتوراة مع شهرتها العظيمة بين الناس؟.
الجواب: لعله صدر هذا العمل عن نفر قليل،يجوز عليهم التواطؤ على التحريف، ثم إنهمعرضوا ذلك المحرف على بعض العوام و على هذاالتقدير يكون هذا التحريف ممكنا، و الأصوبعندي في تفسير الآية وجه آخر و هو أنالآيات الدالة على نبوّة محمد صلّى اللهعليه وسلّم كان يحتاج فيها إلى تدقيقالنظر و تأمل القلب، و القوم كانوا يوردونعليها الأسئلة المشوشة و الاعتراضاتالمظلمة فكانت تصير تلك الدلائل مشتبهةعلى السامعين، و اليهود كانوا يقولون:مراد اللّه من هذه الآيات ما ذكرناه لا ماذكرتم، فكان هذا هو المراد بالتحريف و بليالألسنة و هذا مثل ما أن المحق في زمانناإذا استدل بآية من كتاب اللّه تعالى،فالمبطل يورد عليه الأسئلة و الشبهات ويقول: ليس مراد اللّه ما ذكرت، فكذا في هذهالصورة.ثم قال تعالى: وَ يَقُولُونَ هُوَ مِنْعِنْدِ اللَّهِ و اعلم أن من الناس من قال:إنه لا فرق بين قوله لِتَحْسَبُوهُ مِنَالْكِتابِ وَ ما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وبين قوله وَ يَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِاللَّهِ وَ ما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ[آل عمران: 78] و كرر هذا الكلام بلفظينمختلفين لأجل التأكيد، أما المحققونفقالوا: المغايرة حاصلة، و ذلك لأنه ليس كلما لم يكن في الكتاب لم يكن من عند اللّه،فإن الحكم الشرعي قد ثبت تارة بالكتاب، وتارة بالسنة، و تارة بالإجماع، و تارةبالقياس و الكل من عند اللّه.فقوله لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ هذا نفي خاص، ثمعطف عليه النفي العام فقال:وَ يَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِوَ ما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ و أيضاًيجوز أن يكون المراد من الكتاب التوراة، ويكون المراد من قولهم: هو من عند اللّه،أنه موجود في كتب سائر الأنبياء عليهمالصلاة و السلام مثل أشعياء، و أرمياء، وحيقوق،