المسألة الثانية:
قال الزجاج وَجِيهاً منصوب على الحال،المعنى: أن اللّه يبشرك بهذا الولد وجيهاًفي الدنيا و الآخرة، و الفراء يسمي هذاقطعاً كأنه قال: عيسى ابن مريم الوجيه فقطعمنه التعريف.أما قوله وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَففيه وجوهأحدها: أنه تعالى جعل ذلككالمدح العظيم للملائكة فألحقه بمثلمنزلتهم و درجتهم بواسطة هذه الصفةوثانيها: أن هذا الوصف كالتنبيه على أنهعليه السلام سيرفع إلى السماء و تصاحبهالملائكةو ثالثها: أنه ليس كل وجيه فيالآخرة يكون مقرباً لأن أهل الجنة علىمنازل و درجات، و لذلك قال تعالى: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً إلى قوله وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَالْمُقَرَّبُونَ [الواقعة: 7- 11].أما قوله تعالى: وَ يُكَلِّمُ النَّاسَفِي الْمَهْدِ وَ كَهْلًا ففيه مسائل:المسألة الأولى:
الواو للعطف على قوله وَجِيهاً و التقديركأنه قال: وجيهاً و مكلماً للناس و هذاعندي ضعيف، لأن عطف الجملة الفعلية علىالإسمية غير جائز إلا للضرورة، أو الفائدةو الأولى أن يقال تقدير الآية إِنَّاللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُاسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُمَرْيَمَ الوجيه في الدنيا و الآخرةالمعدود من المقربين، و هذا المجموع جملةواحدة، ثم قال: وَ يُكَلِّمُ النَّاسَفقوله وَ يُكَلِّمُ النَّاسَ عطف على قولهإِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ.المسألة الثانية:
في المهد قولانأحدهما: أنه حجر أمهوالثاني: هو هذا الشيء المعروف الذي هومضجع الصبي وقت الرضاع، و كيف كان المرادمنه: فإنه يكلم الناس في الحالة التي يحتاجالصبي فيها إلى المهد، و لا يختلف هذاالمقصود سواء كان في حجر أمه أو كان فيالمهد.المسألة الثالثة:
قوله وَ كَهْلًا عطف على الظرف من قولهفِي الْمَهْدِ كأنه قيل: يكلم الناسصغيراً و كهلًا و ههنا سؤالات:السؤال الأول: ما الكهل؟.الجواب: الكهل في اللغة ما اجتمع قوته وكمل شبابه، و هو مأخوذ من قول العرب اكتهلالنبات إذا قوي و تم قال الأعشى:
يضاحك الشمس منها كوكب شرق
مؤزر بحميمالنبت مكتهل
مؤزر بحميمالنبت مكتهل
مؤزر بحميمالنبت مكتهل