السؤال الأول: لم عم جميع الناس و منيوافقه لا يلعنه؟.
قلنا: فيه وجوهالأول: قال أبو مسلم له أنيلعنه و إن كان لا يلعنهالثاني: أنه فيالآخرة يلعن بعضهم بعضاً قال تعالى:كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْأُخْتَها [الأعراف: 38] و قال: ثُمَّ يَوْمَالْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْبِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً[العنكبوت: 25] و على هذا التقدير فقد حصلاللعن للكفار من الكفارو الثالث: كأنالناس هم المؤمنون، و الكفار ليسوا منالناس، ثم لما ذكر لعن الثلاث قال:أَجْمَعِينَ الرابع: و هو الأصح عندي أنجميع الخلق يلعنون المبطل و الكافر، ولكنه يعتقد في نفسه أنه ليس بمبطل و لابكافر، فإذا لعن الكافر و كان هو في علماللّه كافرا، فقد لعن نفسه و إن كان لايعلم ذلك.
السؤال الثاني: قوله خالِدِينَ فِيها أيخالدين في اللعنة، فما خلود اللعنة؟.
قلنا: فيه وجهانالأول: أن التخليد فياللعنة على معنى أنهم يوم القيامة لا يزاليلعنهم الملائكة و المؤمنون و من معهم فيالنار فلا يخلو شيء من أحوالهم، من أنيلعنهم لاعن من هؤلاءالثاني: أن المرادبخلود اللعن خلود أثر اللعن، لأن اللعنيوجب العقاب، فعبر عن خلود أثر اللعنبخلود اللعن، و نظيره قوله تعالى: مَنْأَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُيَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً خالِدِينَفِيهِ [طه: 100، 101] الثالث: قال ابن عباس قولهخالِدِينَ فِيها أي في جهنم فعلى هذاالكناية عن غير مذكور، و اعلم أن قولهخالِدِينَ فِيها نصب على الحال مما قبله،و هو قوله تعالى: عَلَيْهِمْ لَعْنَةَاللَّهِ.ثم قال: لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُوَ لا هُمْ يُنْظَرُونَمعنى الانظار التأخير قال تعالى:فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ [البقرة: 280]فالمعنى أنه لا يجعل عذابهم أخف و لا يؤخرالعقاب من وقت إلى وقت و هذا تحقيق قولالمتكلمين: إن العذاب الملحق بالكافر مضرةخالصة عن شوائب المنافع دائمة غير منقطعة،نعوذ منه باللّه.ثم قال: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْبَعْدِ ذلِكَو المعنى إلا الذين تابوا منه، ثم بيّن أنالتوبة وحدها لا تكفي حتى ينضاف إليهاالعمل الصالح فقال: وَ أَصْلَحُوا أيأصلحوا باطنهم مع الحق بالمراقبات وظاهرهم مع الخلق بالعبادات، و ذلك بأنيلعنوا بأنا كنا على الباطل حتى أنه لواغتر بطريقتهم الفاسدة مغتر رجع عنها.ثم قال: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌرَحِيمٌو فيه وجهانالأول: غفور لقبائحهم فيالدنيا بالستر، رحيم في الآخرةبالعفوالثاني: غفور بإزالة العقاب، رحيمبإعطاء الثواب، و نظيره قوله تعالى: قُلْلِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوايُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38] و دخلت الفاء في قوله فَإِنَّ اللَّهَغَفُورٌ رَحِيمٌ لأنه الجزاء، و تقديرالكلام: إن تابوا فإن اللّه يغفر لهم.