يقال: بوأته منزلًا و بوأت له منزلًا أيأنزلته فيه، و المباءة و الباءة المنزل وقوله مَقاعِدَ لِلْقِتالِ أي مواطن ومواضع، و قد اتسعوا في استعمال المقعد والمقام بمعنى المكان، و منه قوله تعالى:فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ [القمر: 55] و قال:قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ[النمل: 39] أي من مجلسك و موضع حكمك و إنماعبر عن الأمكنة ههنا بالمقاعدلوجهينالأول: و هو أنه عليه السلام أمرهمأن يثبتوا في مقاعدهم لا ينتقلوا عنها، والقاعد في مكان لا ينتقل عنه فسمى تلكالأمكنة بالمقاعد، تنبيهاً على أنهممأمورون بأن يثبتوا فيها و لا ينتقلواعنها ألبتةو الثاني: أن المقاتلين قديقعدون في الأمكنة المعينة إلى أن يلاقيهمالعدو فيقوموا عند الحاجة إلى المحاربةفسميت تلك الأمكنة بالمقاعد لهذا الوجه.
المسألة الخامسة:
قوله وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَتُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَلِلْقِتالِ يروى أنه عليه السلام غدا منمنزل عائشة رضي اللّه عنها فمشى على رجليهإلى أحد، و هذا قول مجاهد و الواقدي، فدلهذا النص على أن عائشة رضي اللّه عنها كانتأهلًا للنبي صلّى الله عليه وسلّم و قالتعالى: الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ [النور: 26]فدل هذا النص