الخيبة هي الحرمان و الفرق بين الخيبة وبين اليأس أن الخيبة لا تكون إلا بعدالتوقع، و أما اليأس فإنه قد يكون بعدالتوقع و قبله، فنقيض اليأس الرجاء، ونقيض الخيبة الظفر، و اللّه أعلم.
في سبب نزول هذه الآية قولانالأول: و هوالمشهور: أنها نزلت في قصة أحد، ثمالقائلون بهذا القول اختلفوا على ثلاثةأوجهأحدها: أنه أراد أن يدعو على الكفارفنزلت هذه الآية و القائلون بهذا ذكروااحتمالاتأحدها: روي أن عتبة بن أبي وقاصشجه و كسر رباعيته فجعل يمسح الدم عن وجههو سالم مولى أبي حذيفة يغسل عن وجهه الدم وهو يقول: «كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهمبالدم و هو يدعوهم إلى ربهم» ثم أراد أنيدعو عليهم فنزلت هذه الآيةو ثانيها: ماروى سالم بن عبد اللّه عن أبيه عبد اللّهبن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لعنأقواماً فقال: «اللّهم العن أبا سفيان،اللّهم العن الحرث بن هشام، اللّهم العنصفوان بن أميّة» فنزلت هذه الآية أَوْيَتُوبَ عَلَيْهِمْ فتاب اللّه على هؤلاءو حسن إسلامهمو ثالثها: أنها نزلت فيحمزة بن عبد المطلب و ذلك لأنه صلّى اللهعليه وسلّم لما رآه و رأى ما فعلوا به منالمثلة قال: «لأمثلن منهم بثلاثين»، فنزلتهذه الآية، قال القفال رحمه اللّه، و كلهذه الأشياء حصلت يوم أحد، فنزلت هذهالآية عند الكل فلا يمتنع حملها على كلالاحتمالاتالثاني: في سبب نزول هذهالآية أنها نزلت بسبب أنه صلّى الله عليهوسلّم أراد أن يلعن المسلمين الذين خالفواأمره و الذين انهزموا فمنعه اللّه من ذلك وهذا القول مروي عن ابن عباس رضي اللّهعنهما.الوجه الثالث: أنه صلّى الله عليه وسلّمأراد أن يستغفر للمسلمين الذين انهزموا وخالفوا أمره و يدعو عليهم فنزلت الآية،فهذه الإحتمالات و الوجوه كلها مفرعة علىقولنا إن هذه الآية نزلت في قصة أحد.القول الثاني: أنها نزلت في واقعة أخرى وهي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعثجمعاً من خيار أصحابه إلى أهل بئر معونةليعلموهن القرآن فذهب إليهم عامر بنالطفيل مع عسكره و أخذهم و قتلهم فجزع منذلك الرسول صلّى الله عليه وسلّم جزعاًشديداً و دعا على الكفار أربعين يوماً،فنزلت هذه الآية، هذا قول مقاتل و هو بعيدلأن أكثر العلماء اتفقوا على أن هذه الآيةفي قصة أحد، و سياق الكلام يدل عليه وإلقاء قصة أجنبية عن أول الكلام و آخره غيرلائق.
المسألة الثانية:
ظاهر هذه الآية يدل على أنها وردت في أمركان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفعل فيهفعلًا، و كانت هذه الآية كالمنع منه، و عندهذا يتوجه الإشكال، و هو أن ذلك الفعل إنكان بأمر اللّه تعالى، فكيف منعه اللّهمنه؟ و إن قلنا إنه ما كان بأمر اللّهتعالى و بإذنه، فكيف يصح هذا مع قوله وَ مايَنْطِقُ عَنِ الْهَوى [النجم: 3] و أيضاًدلت الآية على عصمة الأنبياء عليهم الصلاةو السلام فالأمر الممنوع عنه في هذه الآيةإن كان حسناً فلم منعه اللّه؟ و إن كانقبيحاً، فكيف يكون فاعله معصوما؟.و الجواب من وجوه الأول: أن المنع من الفعللا يدل على أن الممنوع منه كان مشتغلًا بهفإنه تعالى قال للنبي صلّى الله عليهوسلّم لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّعَمَلُكَ [الزمر: 65] و أنه عليه الصلاة والسلام ما أشرك قط و قال: يا أَيُّهَاالنَّبِيُ