جعله علامة حتى تعرف الملائكة أن كل منمسح به وقت الولادة فإنه يكوننبياًالسابع: سمي مسيحاً لأنه مسحه جبريلصلّى الله عليه وسلّم بجناحه وقت ولادتهليكون ذلك صوناً له عن مس الشيطانالثامن:سمي مسيحاً لأنه خرج من بطن أمه ممسوحاًبالدهن، و على هذه الأقوال يكون المسيح،بمعنى: الممسوح، فعيل بمعنى: مفعول. قالأبو عمرو بن العلاء المسيح: الملك. و قالالنخعي: المسيح الصديق و اللّه أعلم. ولعلّهما قالا ذلك من جهة كونه مدحاً لالدلالة اللغة عليه، و أما المسيح الدجالفإنما سمي مسيحاً لأحد وجهينأحدهما:لأنه ممسوح أحد العينينو الثاني:
أنه يمسح الأرض أي: يقطعها في المدةالقليلة، قالوا: و لهذا قيل له: دجال لضربهفي الأرض، و قطعه أكثر نواحيها، يقال: قددجل الدجال إذا فعل ذلك، و قيل: سمي دجالًامن قوله: دجل الرجل إذا موه و لبس.
المسيح كان كاللقب له، و عيسى كالاسم فلمقدم اللقب على الاسم؟.
الجواب: أن المسيح كاللقب الذي يفيد كونهشريفاً رفيع الدرجة، مثل الصديق و الفاروقفذكره اللّه تعالى أولًا بلقبه ليفيد علودرجته، ثم ذكره باسمه الخاص.
لم قال عيسى ابن مريم و الخطاب مع مريم؟.
الجواب: لأن الأنبياء ينسبون إلى الآباءلا إلى الأمهات، فلما نسبه اللّه تعالىإلى الأم دون الأب، كان ذلك إعلاماً لهابأنه محدث بغير الأب، فكان ذلك سبباًلزيادة فضله و علو درجته.
الضمير في قوله: اسمه عائد إلى الكلمة و هيمؤنثة فلم ذكر الضمير؟.
الجواب: لأن المسمى بها مذكر.
لم قال اسمه المسيح عيسى ابن مريم؟ والاسم ليس إلا عيسى، و أما المسيح فهو لقب،و أما ابن مريم فهو صفة.
الجواب: الاسم علامة المسمى و معرف له،فكأنه قيل: الذي يعرف به هو مجموع هذهالثلاثة.
أما قوله تعالى: وَجِيهاً فِي الدُّنْياوَ الْآخِرَةِ ففيه مسألتان:
معنى الوجيه: ذو الجاه و الشرف و القدر،يقال: وجه الرجل، يوجه وجاهة هو وجيه، إذاصارت له منزلة رفيعة عند الناس و السلطان،و قال بعض أهل اللغة: الوجيه: هو الكريم،لأن أشرف أعضاء الإنسان وجهه فجعل الوجهاستعارة عن الكرم و الكمال.
و اعلم أن اللّه تعالى وصف موسى صلّى اللهعليه وسلّم بأنه كان وجيهاً قال اللّهتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاتَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسىفَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً [الأحزاب: 69]ثم للمفسرين أقوال: الأول: قال الحسن: كانوجيهاً في الدنيا بسبب النبوة، و فيالآخرة بسبب علو المنزلة عند اللّهتعالىو الثاني: أنه وجيه عند اللّهتعالى، و أما عيسى عليه السلام، فهو وجيهفي الدنيا بسبب أنه يستجاب دعاؤه و يحييالموتى و يبرىء الأكمه و الأبرص بسببدعائه، و وجيه في الآخرة بسبب أنه يجعلهشفيع أمته المحقين و يقبل شفاعتهم فيهمكما يقبل شفاعة أكابر الأنبياء عليهمالسلامو الثالث: أنه وجهه في الدنيا بسببأنه كان مبرأ من العيوب التي وصفه اليهودبها، و وجيه في الآخرة بسبب كثرة ثوابه وعلو درجته عند اللّه تعالى.