مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 8 -صفحه : 175/ 45
نمايش فراداده

و الإبداع، لكان المعنى: أن كل ما في الأرضفهو تعالى قد أوجده في الزمان الماضي، وذلك باطل بالاتفاق، فإذن وجب حمل الخلقعلى التقدير حتى يصح الكلام و هو أنه تعالىقدر في الماضي كل ما وجد الآن في الأرض، وأما الشعر فقوله:

  • و لأنت تفري ما خلقت و بعض القوم يخلق ثملا يفري‏

  • القوم يخلق ثملا يفري‏ القوم يخلق ثملا يفري‏

و قوله:


  • و لا يعطي بأيدي الخالقين و لا أيديالخوالق إلا جيد الأدم‏

  • أيديالخوالق إلا جيد الأدم‏ أيديالخوالق إلا جيد الأدم‏

و أما الاستشهاد: فهو أنه يقال: خلق النعلإذا قدرها و سواها بالقياس و الخلاقالمقدار من الخير، و فلان خليق بكذا، أي لههذا المقدار من الاستحقاق، و الصخرةالخلقاء الملساء، لأن الملاسة استواء، وفي الخشونة اختلاف، فثبت أن الخلق عبارةعن التقدير و التسوية.

إذا عرفت هذا فنقول: اختلف الناس في لفظالْخالِقُ قال أبو عبد اللّه البصري: إنهلا يجوز إطلاقه على اللّه في الحقيقة، لأنالتقدير و التسوية عبارة عن الظن والحسبان و ذلك على اللّه محال، و قالأصحابنا: الخالق، ليس إلا اللّه، و احتجواعليه بقوله تعالى: اللَّهُ خالِقُ كُلِّشَيْ‏ءٍ [الرعد: 16] و منهم من احتج بقولههَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِيَرْزُقُكُمْ [فاطر: 3] و هذا ضعيف، لأنهتعالى قال: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُاللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ[فاطر: 3] فالمعنى هل من خالق غير اللّهموصوف بوصف كونه رازقاً من السماء و لايلزم من صدق قولنا الخالق الذي يكون هذاشأنه، ليس إلا اللّه، صدق قولنا أنه لاخالق إلا اللّه.

و أجابوا عن كلام أبي عبد اللّه بأنالتقدير و التسوية عبارة عن العلم و الظنلكن الظن و إن كان محالًا في حق اللّهتعالى فالعلم ثابت.

إذا عرفت هذا فنقول: أَنِّي أَخْلُقُلَكُمْ مِنَ الطِّينِ معناه: أصور و أقدر وقوله كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فالهيئةالصورة المهيئة من قولهم هيأت الشي‏ء إذاقدرته و قوله فَأَنْفُخُ فِيهِ أي في ذلكالطين المصور و قوله فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِاللَّهِ ففيه مسائل:

المسألة الأولى:

قرأ نافع فيكون طائراً بالألف علىالواحد، و الباقون طَيْراً على الجمع، وكذلك في المائدة و الطير اسم الجنس يقع علىالواحد و على الجمع.

يروى أن عيسى عليه السلام لما ادعىالنبوة، و أظهر المعجزات أخذوا يتعنتونعليه و طالبوه بخلق خفاش، فأخذ طيناً وصوره، ثم نفخ فيه، فإذا هو يطير بين السماءو الأرض، قال وهب: كان يطير ما دام الناسينظرون إليه، فإذا غاب عن أعينهم سقطميتاً، ثم اختلف الناس فقال قوم: إنه لميخلق غير الخفاش، و كانت قراءة نافع عليه.و قال آخرون: إنه خلق أنواعاً من الطير وكانت قراءة الباقين عليه.

المسألة الثانية:

قال بعض المتكلمين: الآية تدل على أنالروح جسم رقيق كالريح، و لذلك وصفهابالفتح، ثم ههنا بحث، و هو أنه هل يجوز أنيقال: إنه تعالى أودع في نفس عيسى عليهالسلام خاصية، بحيث متى نفخ في شي‏ء كاننفخه فيه موجباً لصيرورة ذلك الشي‏ءحياً، أو يقال: ليس الأمر كذلك بل اللّهتعالى كان يخلق الحياة في ذلك الجسمبقدرته عند نفخة عيسى عليه السلام فيه علىسبيل إظهار المعجزات، و هذا الثاني هوالحق لقوله‏