المرود الملاسة، و منه صرح ممرد، و غلامأمرد، و المرداء الرملة التي لا تنبتشيئا، كأن من لم يقبل قول غيره و لم يلتفتإليه، بقي كما كان على صفته الأصلية من غيرحدوث تغير فيه ألبتة، و ذلك هو الملاسة.
إذا عرفت أصل اللفظ فنقول: قوله: مَرَدُواعَلَى النِّفاقِ أي ثبتوا و استمروا فيه ولم يتوبوا عنه.
ثم قال تعالى: لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُنَعْلَمُهُمْ
و هو كقوله: لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُيَعْلَمُهُمْ و المعنى أنهم تمردوا فيحرفة النفاق فصاروا فيها أستاذين، و بلغواإلى حيث لا تعلم أنت نفاقهم مع قوة خاطرك وصفاء حدسك و نفسك.
ثم قال: سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ
و ذكروا في تفسير المرتين وجوها كثيرة:
قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: يريدالأمراض في الدنيا، و عذاب الآخرة، و ذلكأن مرض المؤمن يفيده تكفير السيئات، و مرضالكافر يفيده زيادة الكفر و كفران النعم.
روى السدي عن أنس بن مالك أن النبي عليهالسلام قام خطيبا يوم الجمعة فقال: «اخرجيا فلان فإنك منافق اخرج يا فلان فإنكمنافق» فأخرج من المسجد ناسا و فضحهم فهذاهو العذاب الأول، و الثاني عذاب القبر.
قال مجاهد: في الدنيا بالقتل و السبي و بعدذلك بعذاب القبر.
قال قتادة بالدبيلة و عذاب القبر، و ذلكأن النبي عليه السلام أسر إلى حذيفة اثنيعشر رجلا من المنافقين، و قال: ستة يبتليهماللّه بالدبيلة سراج من نار يأخذ أحدهمحتى يخرج من صدره، و ستة يموتون موتا.
قال الحسن: يأخذ الزكاة من أموالهم، وعذاب القبر.
قال محمد بن إسحق: هو ما يدخل عليهم من غيظالإسلام و دخولهم فيه من غير حسنة، ثمعذابهم في القبور.
أحد العذابين ضرب الملائكة الوجوه والأدبار. و الآخر عند البعث، يوكل بهم عنقالنار. و الأولى أن يقال مراتب الحياةثلاثة: حياة الدنيا، و حياة القبر، و حياةالقيامة، فقوله: سَنُعَذِّبُهُمْمَرَّتَيْنِ المراد منه عذاب الدنيابجميع أقسامه، و عذاب القبر. و قوله: ثُمَّيُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ المرادمنه العذاب في الحياة الثالثة، و هيالحياة في القيامة.
ثم قال تعالى في آخر الآية: ثُمَّيُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ
يعني النار المخلدة المؤبدة.
وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْخَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَسَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَعَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌرَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْصَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْبِها وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَسَكَنٌ لَهُمْ وَ اللَّهُ سَمِيعٌعَلِيمٌ (103)
[في قوله تعالى وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوابِذُنُوبِهِمْ]
و في الآية مسائل: