و خبره قوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ومعناه: رضي اللّه عنهم لأعمالهم و كثرةطاعاتهم، و رضوا عنه لما أفاض عليهم مننعمه الجليلة في الدين و الدنيا، و فيمصاحف أهل مكة تجري من تحتها الأنهار و هيقراءة ابن كثير، و في سائر المصاحفتَحْتَهَا من غير كلمة (من).
قال عطاء عن ابن عباس رضي اللّه عنهم:يريد، يذكرون المهاجرين و الأنصار بالجنةو الرحمة و الدعاء لهم، و يذكرون محاسنهم،و قال في رواية أخرى و الذين اتبعوهمبإحسان على دينهم إلى يوم القيامة، و اعلمأن الآية دلت على أن من اتبعهم إنمايستحقون الرضوان و الثواب، بشرط كونهممتبعين لهم بإحسان، و فسرنا هذا الإحسانبإحسان القول فيهم، و الحكم المشروط بشرط،ينتفي عند انتفاء ذلك الشرط، فوجب أن من لميحسن القول في المهاجرين و الأنصار لايكون مستحقا للرضوان من اللّه تعالى، و أنلا يكون من أهل الثواب لهذا السبب، فإن أهلالدين يبالغون في تعظيم أصحاب رسول اللّهصلّى الله عليه وسلّم و لا يطلقون ألسنتهمفي اغتيابهم و ذكرهم بما لا ينبغي.
[سورة التوبة (9): آية 101]
وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِمُنافِقُونَ وَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِمَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لاتَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْسَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّيُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (101)اعلم أنه تعالى شرح أحوال منافقيالمدينة، ثم ذكر بعده أحوال منافقيالأعراب، ثم بين أن في الأعراب من هو مؤمنصالح مخلص، ثم بين أن رؤساء المؤمنين منهم؟ و هم السابقون المهاجرون و الأنصار.فذكر في هذه الآية أن جماعة من حول المدينةموصوفون بالنفاق، و إن كنتم لا تعلمونكونهم كذلك فقال: وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْمِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ و هم جهينةو أسلم و أشجع و غفار، و كانوا نازلينحولها.و أما قوله: وَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِمَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ ففيه بحثان:
البحث الأول:
قال الزجاج: أنه حصل فيهتقديم و تأخير،و التقدير: و ممن حولكم من الأعراب و منأهل المدينة منافقون مردوا على النفاق.الثاني: قال ابن الأنباري: يجوز أن يكونالتقدير: و من أهل المدينة من مردوا علىالنفاق فأضمر «من» لدلالة (من) عليها كمافي قوله تعالى: وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُمَقامٌ مَعْلُومٌ [الصافات: 164] يريد إلا منله مقام معلوم.
البحث الثاني:
يقال: مرد يمرد مردوا فهومارد و مريد إذا عتا،و المريد من شياطين الإنس و الجن، و قدتمرد علينا أي عتا، و قال ابن الأعرابي:المراد التطاول بالكبر و المعاصي، و منه:مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ و أصل