المسألة الرابعة: إِلى يَوْمِيَلْقَوْنَهُ يدل على أن ذلك المعاهد ماتمنافقا،
و هذا الخبر وقع مخبره مطابقا له، فإنهروي أن ثعلبة أتى النبي صلّى الله عليهوسلّم بصدقته فقال: إن اللّه تعالى منعنيأن أقبل صدقتك، و بقي على تلك الحالة، وماقبل صدقته أحد حتى مات، فدل على أن مخبرهذا الخبر وقع موافقا، فكان إخبارا عنالغيب فكان معجزا.
المسألة الخامسة: قال الجبائي: إن المشبهةتمسكوا في إثبات رؤية اللّه تعالى بقوله:تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُسَلامٌ
قال و اللقاء ليس عبارة عن الرؤية، بدليلأنه قال في صفة المنافقين: إِلى يَوْمِيَلْقَوْنَهُ و أجمعوا على أن الكفار لايرونه، فهذا يدل على أن اللقاء ليس عبارةعن الرؤية. قال: و الذي يقويه قوله عليهالسلام: «من حلف على يمين كاذبة ليقطع بهاحق امرىء مسلم لقي اللّه و هو عليهغضبان» و أجمعوا على أن المراد من اللقاءههنا: لقاء ما عند اللّه من العقاب فكذاههنا. و القاضي استحسن هذا الكلام. و أقول:أنا شديد التعجب من أمثال هؤلاء الأفاضلكيف قنعت نفوسهم بأمثال هذه الوجوهالضعيفة؟! و ذلك لأنا تركنا حمل لفظ اللقاءعلى الرؤية في هذه الآية، و في هذا الخبرلدليل منفصل، فلم يلزمنا ذلك في سائرالصور. ألا ترى أنا لما أدخلنا التخصيص فيبعض العمومات لدليل منفصل، لم يلزمنا مثلهفي جميع العمومات أن نخصصها من غير دليل،فكما لا يلزم هذا لم يلزم ذلك فإن قال هذاالكلام إنما يقوى لو ثبت أن اللقاء فياللغة عبارة عن الرؤية، و ذلك ممنوع.فنقول: لا شك أن اللقاء عبارة عن الوصول ومن رأى شيئا فقد وصل إليه فكانت الرؤيةلقاء، كما أن الإدراك هو البلوغ. قالتعالى: قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّالَمُدْرَكُونَ [الشعراء: 61] أي لملحقون، ثمحملناه على الرؤية فكذا ههنا، ثم نقول: لاشك أن اللقاء ههنا ليس هو الرؤية، بلالمقصود أنه تعالى فَأَعْقَبَهُمْنِفاقاً ... إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ أيحكمه و قضاءه، و هو كقول الرجل ستلقى عملكغدا، أي تجازى عليه، قال تعالى: بِماأَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِماكانُوا يَكْذِبُونَ و المعني: أنه تعالىعاقبهم بتحصيل ذلك النفاق في قلوبهم لأجلأنهم أقدموا قبل ذلك على خلف الوعد و علىالكذب.ثم قال تعالى: أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّاللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْو السر ما ينطوي عليه صدورهم، و النجوى ما