المسألة الرابعة: دلت الآية على أنه يجبأن يكون المقصود من التفقه و التعلم دعوةالخلق إلى الحق،
و إرشادهم إلى الدين القويم و الصراطالمستقيم، لأن الآية تدل على أنه تعالىأمرهم بالتفقه في الدين، لأجل أنهم إذارجعوا إلى قومهم أنذروهم بالدين الحق، وأولئك يحذرون الجهل و المعصية و يرغبون فيقبول الدين.فكل من تفقه و تعلم لهذا الغرض كان علىالمنهج القويم و الصراط المستقيم، و منعدل عنه و طلب الدنيا بالدين كان منالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياةالدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
[سورة التوبة (9): آية 123]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُواالَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِوَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَالْمُتَّقِينَ (123)اعلم أنه نقل عن الحسن أنه قال: هذه الآيةنزلت قبل الأمر بقتال المشركين كافة، ثمإنها صارت منسوخة بقوله: قاتِلُواالْمُشْرِكِينَ كَافَّةً [التوبة: 36] و أماالمحققون فإنهم أنكروا هذا النسخ و قالوا:إنه تعالى لما أمر بقتال المشركين كافةأرشدهم في ذلك الباب إلى الطريق الأصوبالأصلح، و هو أن يبتدؤا من الأقربفالأقرب، منتقلا إلى الأبعد فالأبعد. ألاترى أن أمر الدعوة وقع على هذا الترتيب قالتعالى: وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَالْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214] و أمرالغزوات وقع على هذا الترتيب لأنه عليهالسلام حارب قومه، ثم انتقل منهم إلى غزوسائر العرب ثم انتقل منهم إلى غزو الشام، والصحابة رضي اللّه عنهم لما فرغوا من أمر