قال ابن عباس رضياللّه عنهما: سألوه أن يحملهم على الدوابفقال عليه السلام: «لا أجد ما أحملكم عليه»لأن الشقة بعيدة. و الرجل يحتاج إلىبعيرين، بعير يركبه و بعير يحمل عليه ماءهو زاده.قال صاحب «الكشاف»: قوله: تَفِيضُ مِنَالدَّمْعِ حَزَناً كقولك: تفيض دمعا، و هوأبلغ من يفيض دمعها، لأن العين جعلت كأنكلها دمع فائض.
أنه تعالى لما قال فيالآية الأولى: ما عَلَى الْمُحْسِنِينَمِنْ سَبِيلٍ قال في هذه الآية إنماالسبيل على من كان كذا و كذا، ثم الذينقالوا في الآية الأولى المراد ما عَلَىالْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ في أمرالغزو و الجهاد، و أن نفي السبيل في تلكالآية مخصوص بهذا الحكم. قالوا: السبيلالذي نفاه عن المحسنين، هو الذي أثبته فيهؤلاء المنافقين، و هو الذي يختص بالجهاد،و المعنى: أن هؤلاء الأغنياء الذينيستأذنونك في التخلف سبيل اللّه عليهملازم، و تكليفه عليهم بالذهاب إلى الغزومتوجه، و لا عذر لهم ألبتة في التخلف.فإن قيل: قوله: رَضُوا ما موقعه؟قلنا: كأنه استئناف، كأنه قيل: ما بالهماستأذنوا و هم أغنياء. فقيل: رضوا بالدناءةو الضعة و الانتظام في جملة الخوالف وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ يعنىأن السبب في نفرتهم عن الجهاد، هو أن اللّهطبع على قلوبهم، فلأجل ذلك الطبع لايعلمون ما في الجهاد من منافع الدين والدنيا.ثم قال: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذارَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لاتَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ علةللمنع من الاعتذار لأن غرض المعتذر أنيصير عذره مقبولا. فإذا علم بأن القوميكذبونه فيه، وجب عليه تركه. و قوله: قَدْنَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْعلة لانتفاء التصديق، لأنه تعالى لما أطلعرسوله على ما في ضمائرهم من الخبث و المكرو النفاق، امتنع أن يصدقهم الرسول عليهالصلاة و السلام في تلك الأعذار.ثم قال: وَ سَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ و المعنى أنهم كانوا يظهرون منأنفسهم عند تقرير تلك المعاذير حبا للرسولعليه الصلاة و السلام و المؤمنين و شفقةعليهم و رغبة في نصرتهم، فقال تعالى: وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ أنكم هلتبقون بعد ذلك على هذه الحالة التيتظهرونها من الصدق و الصفاء، أو لا تبقونعليها؟ثم قال: ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِالْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ.فإن قيل: لما قال: وَ سَيَرَى اللَّهُعَمَلَكُمْ فلم لم يقل، ثم تردون إليه، وما الفائدة من قوله: ثُمَّ.