و هما الذهب و الفضة.ثم قال: وَ لا يُنْفِقُونَها و فيه وجهان:الأول: أن الضمير عائد إلى المعنى من وجوه:أحدها: أن كل واحد منهما جملة و آنيةدنانير و دراهم، فهو كقوله تعالى: وَ إِنْطائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَاقْتَتَلُوا [الحجرات: 9] و ثانيها: أن يكونالتقدير، و لا ينفقون الكنوز. و ثالثها:قال الزجاج: التقدير: و لا ينفقون تلكالأموال.
الوجه الثاني:
أن يكون الضمير عائدا إلىاللفظ و فيه وجوه: أحدها: أن يكون التقدير ولا ينفقون الفضة، و حذف الذهب لأنه داخل فيالفضة من حيث إنهما معا يشتركان في ثمنيةالأشياء، و في كونهما جوهرين شريفين، و فيكونهما مقصودين بالكنز، فلما كانامتشاركين في أكثر الصفات كان ذكر أحدهمامغنيا عن ذكر الآخر. و ثانيها: أن ذكرأحدهما قد يغني عن الآخر كقوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواًانْفَضُّوا إِلَيْها [الجمعة: 11] جعلالضمير للتجارة. وقال: وَ مَنْ يَكْسِبْخَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِبِهِ بَرِيئاً [النساء: 112] فجعل الضميرللإثم. و ثالثها: أن يكون التقدير: و لاينفقونها و الذهب كذلك كما أن معنى قوله:و إني و قيار بها لغريبأي و قيار كذلك.فإن قيل: ما السبب في أن خصا بالذكر من بينسائر الأموال؟ قلنا: لأنهما الأصل المعتبرفي الأموال و هما اللذان يقصدان بالكنز.و اعلم أنه تعالى لما ذكر الذين يكنزونالذهب و الفضة قال: فَبَشِّرْهُمْبِعَذابٍ أَلِيمٍ أي فأخبرهم على سبيلالتهكم لأن الذين يكنزون الذهب و الفضةإنما يكنزونهما ليتوسلوا بهما إلى تحصيلالفرج يوم الحاجة.فقيل هذا هو الفرج كما يقال تحيتهم ليسإلا الضرب و إكرامهم ليس إلا الشتم، و أيضافالبشارة عن الخير الذي يؤثر في القلب،فيتغير بسببه لون بشرة الوجه، و هذايتناول ما إذا تغيرت البشرة بسبب الفرح أوبسبب الغم.