أنه لا دين بخلاف الإسلامإلا و قد قهرهم المسلمون و ظهروا عليهم فيبعض المواضع، و إن لم يكن كذلك في جميعمواضعهم، فقهروا اليهود و أخرجوهم من بلادالعرب، و غلبوا النصارى على بلاد الشام وما والاها إلى ناحية الروم و الغرب، وغلبوا المجوس على ملكهم، و غلبوا عبادالأصنام على كثير من بلادهم مما يلي التركو الهند، و كذلك سائر الأديان فثبت أن الذيأخبر اللَّه عنه في هذه الآية قد وقع و حصلو كان ذلك إخبارا عن الغيب فكان معجزا.
الوجه الثاني:
في الجواب أن نقول: روي عنأبي هريرة رضي اللَّه عنه أنه قال: هذا وعدمن اللّه بأنه تعالى يجعل الإسلام عالياعلى جميع الأديان. و تمام هذا إنما يحصلعند خروج عيسى، و قال السدي: ذلك عند خروجالمهدي، لا يبقى أحد إلا دخل في الإسلام أوأدى الخراج.
الوجه الثالث:
المراد: ليظهر الإسلام علىالدين كله في جزيرة العرب، و قد حصل ذلكفإنه تعالى ما أبقى فيها أحدا من الكفار.
الوجه الرابع:
أن المراد من قوله:لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ أنيوقفه على جميع شرائع الدين و يطلعه عليهابالكلية حتى لا يخفى عليه منها شيء.
الوجه الخامس:
أن المراد من قوله:لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِبالحجة و البيان إلا أن هذا ضعيف لأن هذاوعد بأنه تعالى سيفعله و التقوية بالحجة والبيان كانت حاصلة من أول الأمر، و يمكن أنيجاب عنه بأن في مبدأ الأمر كثرت الشبهاتبسبب ضعف المؤمنين و استيلاء الكفار، ومنع الكفار سائر الناس من التأمل في تلكالدلائل. أما بعد قوة دولة الإسلام عجزتالكفار فضعفت الشبهات، فقوي ظهور دلائلالإسلام، فكان المراد من تلك البشارة هذهالزيادة.
[سورة التوبة (9): الآيات 34 الى 35]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّكَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَالنَّاسِ بِالْباطِلِ وَ يَصُدُّونَ عَنْسَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَيَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِفَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (34)يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِجَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ماكَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ماكُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)[في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِوَ الرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَالنَّاسِ بِالْباطِلِ]اعلم أنه تعالى لما وصف رؤساء اليهود والنصارى بالتكبر و التجبر و ادعاءالربوبية و الترفع على الخلق، وصفهم فيهذه الآية بالطمع و الحرص على أخذ أموالالناس، تنبيها على أن المقصود من إظهارتلك الربوبية