المسألة الثانية: قوله: ما كانَلِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْيَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ يحتملأن يكون المعنى ما ينبغي لهم ذلك فيكونكالوصف، - مفاتیح الشرائع جلد 16
المسألة الثانية: قوله: ما كانَلِلنَّبِيِّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْيَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ يحتملأن يكون المعنى ما ينبغي لهم ذلك فيكونكالوصف،
و أن يكون معناه ليس لهم ذلك على معنىالنهي: فالأول: معناه أن النبوة و الإيمانيمنع من الاستغفار للمشركين. و الثاني:معناه لا تستغفروا و الأمران مقاربان. وسبب هذا المنع ما ذكره اللّه تعالى فيقوله: مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْأَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ و أيضاقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْيُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَلِمَنْ يَشاءُ و المعنى أنه تعالى لماأخبر عنهم أنه يدخلهم النار. فطلب الغفرانلهم جار مجرى طلب أن يخلف اللّه وعده ووعيده و أنه لا يجوز. و أيضا لما سبق قضاءاللّه تعالى بأنه يعذبهم. فلو طلبواغفرانه لصاروا مردودين، و ذلك يوجب نقصاندرجة النبي عليه الصلاة و السلام و حظمرتبته، و أيضا أنه قال:ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60] وقال عنهم أنهم أصحاب الجحيم فهذاالاستغفار يوجب الخلف في أحد هذين النصين،و إنه لا يجوز و قد جوز أبو هاشم أن يسألالعبد ربه شيئا بعد ما أخبر اللّه عنه أنهلا يفعله، و احتج عليه بقول أهل الناررَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها [المؤمنون: 107]مع علمهم بأنه تعالى لا يفعل ذلك، و هذا فيغاية البعد من وجوه: الأول: أن هذا مبني علىمذهبه أن أهل الآخرة لا يجهلون و لايكذبون، و ذلك ممنوع، بل نص القرآن يبطله.و هو قوله: ثُمَّ لَمْ تَكُنْفِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ[الأنعام:23] انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلىأَنْفُسِهِمْ [الأنعام: 24] و الثاني: أن فيحقهم يحسن ردهم عن ذلك السؤال و إسكاتهم،أما في حق الرسول عليه الصلاة و السلامفغير جائز، لأنه يوجب نقصان منصبه. والثالث: أن مثل هذا السؤال الذي يعلم أنهلا فائدة فيه إما أن يكون عبثا أو معصية. وكلاهما جائزان على أهل النار و غير جائزينعلى أكابر الأنبياء عليهم السلام.
المسألة الثالثة: أنه تعالى لما بين أنالعلة المانعة من هذا الاستغفار هو تبينكونهم من أصحاب النار،
و هذه العلة لا تختلف بأن يكونوا منالأقارب أو من الأباعد، فلهذا السبب قالتعالى: وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى وكون سبب النزول ما حكينا، يقوي هذا الذيقلناه.أما قوله تعالى: وَ ما كانَ اسْتِغْفارُإِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْمَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ ففيهمسائل:
المسألة الأولى: في تعلق هذه الآية بماقبلها وجوه:
الأول: أن المقصود منه أن لا يتوهم إنسانأنه تعالى منع محمدا من بعض ما أذنلإبراهيم فيه. و الثاني: أن يقال إنا ذكرنافي سبب اتصال هذه الآية بما قبلهاالمبالغة في إيجاب الانقطاع عن الكفارأحيائهم و أمواتهم. ثم بين تعالى أن هذاالحكم غير مختص بدين محمد عليه الصلاة والسلام، بل المبالغة في تقرير وجوبالانقطاع كانت مشروعة أيضا في دين إبراهيمعليه السلام، فتكون المبالغة في تقريروجوب المقاطعة و المباينة من الكفار أقوى.الثالث: أنه تعالى وصف إبراهيم عليهالسلام في هذه الآية بكونه حليما أي قليلالغضب، و بكونه أواها أي كثير التوجع والتفجع عند نزول المضار بالناس، و المقصودأن من كان موصوفا بهذه الصفات كان ميل قلبهإلى الاستغفار لأبيه شديدا، فكأنه قيل:إن