الحكم الأول إنها تدل على كونه تعالىرائيا للمرئيات،
لأن الرؤية المعداة إلى مفعول واحد، هيالإبصار، و المعداة إلى مفعولين هي العلم،كما تقول رأيت زيدا فقيها، و ههنا الرؤيةمعداة إلى مفعول واحد فتكون بمعنىالإبصار، و ذلك يدل على كونه مبصراللأشياء كما أن قول إبراهيم عليه السلام:لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لايُبْصِرُ [مريم: 42] يدل على كونه تعالىمبصرا و رائيا للأشياء، و مما يقوي أنالرؤية لا يمكن حملها ههنا على العلم أنهتعالى وصف نفسه بالعلم بعد هذه الآية فقال:وَ سَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِوَ الشَّهادَةِ و لو كانت هذه الرؤية هيالعلم لزم حصول التكرير الخالي عن الفائدةو هو باطل.
الحكم الثاني مذهب أصحابنا أن كل موجودفإنه يصح رؤيته، و احتجوا عليه بهذه الآية
و قالوا: قد دللنا على أن الرؤية المذكورةفي هذه الآية معداة إلى مفعول واحد، والقوانين اللغوية شاهدة بأن الرؤيةالمعداة إلى المفعول الواحد معناهاالإبصار. فكانت هذه الرؤية معناهاالإبصار. ثم إنه تعالى عدى هذه الرؤية إلىعملهم و العمل ينقسم إلى أعمال القلوب،كالإرادات و الكراهات و الأنظار. و إلىأعمال الجوارح، كالحركات و السكنات. فوجبكونه تعالى رائيا للكل و ذلك يدل على أنهذه الأشياء كلها مرئية للّه تعالى، و أماالجبائي فإنه كان يحتج بهذه الآية علىكونه تعالى رائيا للحركات و السكنات والاجتماعات و الافتراقات، فلما قيل له: إنصح هذا الاستدلال، فيلزمك كونه تعالىرائيا لأعمال القلوب، فأجاب عنه أنه تعالىعطف عليه قوله: وَ رَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ و هم إنما يرون أفعالالجوارح، فلما تقيدت هذه الرؤية بأعمالالجوارح في حق المعطوف وجب تقييدها بهذاالقيد في حق المعطوف عليه، و هذا بعيد لأنالعطف لا يفيد إلا أصل التشريك. فأماالتسوية في كل الأمور فغير