[سورة التوبة (9): آية 28] - مفاتیح الشرائع جلد 16
لطفا منتظر باشید ...
قوله تعالى: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُسَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِو العقل أيضا دل عليه، و هو أنه لو كانحصول ذلك الداعي في القلب من جهة العبد،لتوقف على حصول داع آخر ولزم التسلسل، و هومحال.ثم قال تعالى: وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْتَرَوْهاو اعلم أن هذا هو الأمر الثاني الذي فعلهاللّه في ذلك اليوم، و لا خلاف أن المرادإنزال الملائكة، و ليس في الظاهر ما يدلعلى عدد الملائكة كما هو مذكور في قصة بدر،و قال سعيد بن جبير: أمد اللّه نبيه بخمسةآلاف من الملائكة ولعله إنما ذكر هذاالعدد قياساً على يوم بدر، و قال سعيد بنالمسيب: حدثني رجل كان في المشركين يومحنين قال: لما كشفنا المسلمين جعلنانسوقهم، فلما انتهينا إلى صاحب البغلةالشهباء، تلقانا رجال بيض الوجوه حسان،فقالوا شاهت الوجوه ارجعوا فرجعنا فركبواأكتافنا، و أيضا اختلفوا أن الملائكة هلقاتلوا ذلك اليوم؟ و الرواية التي نقلناهاعن سعيد بن المسيب تدل على أنهم قاتلوا ومنهم من قال إن الملائكة ما قاتلوا إلا يومبدر و أما فائدة نزولهم في هذا اليوم فهوإلقاء الخواطر الحسنة في قلوب المؤمنين.ثم قال تعالى: وَ عَذَّبَ الَّذِينَكَفَرُواو هذا هو الأمر الثالث الذي فعله رسولاللّه صلّى الله عليه وسلّم في ذلك اليوم،و المراد من هذا التعذيب قتلهم و أسرهم وأخذ أموالهم و سبي ذراريهم. و احتج أصحابنابهذا على أن فعل العبد خلق اللّه، لأنالمراد من التعذيب ليس إلا الأخذ و الأسروهو تعالى نسب تلك الأشياء إلى نفسه و قدبينا أن قوله: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُسَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ يدل على ذلكفصار مجموع هذين الكلامين دليلا بيناثابتا، و في هذه المسألة قالت المعتزلة:إنما نسب تعالى ذلك الفعل إلى نفسه لأنهحصل بأمره، و قد سبق جوابه غير مرة.ثم قال: وَ ذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَو المراد أن ذلك التعذيب هو جزاءالكافرين، و اعلم أن أهل الحقيقة تمسكوافي مسألة الجلد مع التعزير بقوله:الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا[النور: 2] قالوا الفاء تدل على كون الجلدجزاء، و الجزاء اسم للكافي، و كون الجلدكافيا يمنع كون غيره مشروعا معه فنقول: فيالجواب عنه الجزاء ليس اسما للكافي، و ذلكباعتبار أنه تعالى سمى هذا التعذيب جزاء،مع أن المسلمين أجمعوا على أن العقوبةالدائمة في القيامة مدخرة لهم، فدلت هذهالآية على أن الجزاء ليس اسما لما يقع بهالكفاية.ثم قال اللّه تعالى: ثُمَّ يَتُوبُاللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْيَشاءُيعني أن مع كل ما جرى عليهم من الخذلان فإناللّه تعالى قد يتوب عليهم. قال أصحابنا:إنه تعالى قد يتوب على تعضهم بأن يزيل عنقلبه الكفر و يخلق فيه الإسلام. قالالقاضي: معناه فإنهم بعد أن جرى عليهم ماجرى، إذا أسلموا و تابوا فإن اللّه تعالىيقبل توبتهم، و هذا ضعيف لأن قوله تعالى:ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ ظاهره يدل على أنتلك التوبة إنما حصلت لهم من قبل اللّهتعالى و تمام الكلام في هذا المعنى مذكورفي سورة البقرة في قوله: فَتابَ عَلَيْهِ[البقرة: 37]ثم قال: وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌأي غفور لمن تاب، رحيم لمن آمن و عملصالحا. و اللّه أعلم.[سورة التوبة (9): آية 28]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَاالْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُواالْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْهذا وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَيُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْشاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)[في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌفَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَبَعْدَ عامِهِمْ هذا]و في الآية مسائل:المسألة الأولى: اعلم أن هذه هي الشبهةالثالثة التي وقعت في قلوب القوم،
و ذلك لأنه صلّى الله عليه وسلّم لما أمرعليا