المسألة الأولى: بين أن هذا الانتقال لايصدر إلا عند عدم الإيمان بالله و اليومالآخر
ثم لما كان عدم الإيمان قد يكون بسبب الشكفيه، و قد يكون بسبب الجزم و القطع بعدمه،بين تعالى أن عدم إيمان هؤلاء إنما كانبسبب الشك و الريب، و هذا يدل على أن الشاكالمرتاب غير مؤمن بالله. و ههنا سؤالان:
السؤال الأول:
أن العلم إذا كان استدلالياكان وقوع الشك في الدليل يوجب وقوع الشك فيالمدلول، و وقع الشك في مقدمة واحدة منمقدمات الدليل يكفي في حصول الشك في صحةالدليل، فهذا يقتضي أن الرجل المؤمن إذاوقع له سؤال وإشكال في مقدمة من مقدماتدليله أن يصير شاكا في المدلول، و هذايقتضي أن يخرج المؤمن عن إيمانه في كللحظة، بسبب أنه خطر بباله سؤال و إشكال، ومعلوم أن ذلك باطل، فثبت أن بناء الإيمانليس على الدليل بل على التقليد فصارت هذهالآية دالة على أن الأصل في الإيمان هوالتقليد من هذا الوجه.
و الجواب:
أن المسلم و إن عرض له الشك فيصحة بعض مقدمات دليل واحد إلا أن سائرالدلائل سليمة عنده من الطعن، فلهذا السبببقي إيمانه دائما مستمرا.
السؤال الثاني:
أ ليس أن أصحابكم يقولون:أنا مؤمن إن شاء اللّه تعالى، و ذلك يقتضيحصول الشك؟
و الجواب:أنا استقصينا في تحقيق هذهالمسألة في سورة الأنفال، في تفسير قوله:أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا[الأنفال: 74].
المسألة الثانية: قالت الكرامية: الإيمانهو مجرد الإقرار
مع أنه تعالى شهد عليهم في هذه الآيةبأنهم ليسوا مؤمنين.
المسألة الثالثة: قوله: وَ ارْتابَتْقُلُوبُهُمْ يدل على أن محل الريب هوالقلب فقط،
و متى كان محل الريب هو القلب كان محلالمعرفة، و الإيمان أيضا هو القلب، لأنمحل أحد الضدين يجب أن يكون هو محلا