وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُبَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَالزَّكاةَ وَ يُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُاللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(71)اعلم أنه تعالى لما بالغ في وصف المنافقينبالأعمال الفاسدة و الأفعال الخبيثة، ثمذكر عقيبه أنواع الوعيد في حقهم في الدنياو الآخرة، ذكر بعده في هذه الآية كونالمؤمنين موصوفين بصفات الخير و أعمالالبر، على ضد صفات المنافقين، ثم ذكر بعدهفي هذه الآية أنواع ما أعد اللّه لهم منالثواب الدائم و النعيم المقيم، فأما صفاتالمؤمنين فهي قوله: وَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُبَعْضٍ.فان قيل: ما الفائدة في أنه تعالى قال فيصفة المنافقين الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وههنا قال في صفة المؤمنين: وَالْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُبَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ فلم ذكر فيالمنافقين لفظ (من) و في المؤمنين لفظأَوْلِياءُ.قلنا: قوله في صفة المنافقين بَعْضُهُمْمِنْ بَعْضٍ يدل على أن نفاق الأتباع،كالأمر المتفرع على نفاق الأسلاف، و الأمرفي نفسه كذلك، لأن نفاق الأتباع و كفرهمحصل بسبب التقليد لأولئك الأكابر، و بسببمقتضى الهوى و الطبيعة و العادة، أماالموافقة الحاصلة بين المؤمنين فإنماحصلت لا بسبب الميل و العادة، بل بسببالمشاركة في الاستدلال و التوفيق والهداية، فلهذا السبب قال تعالى فيالمنافقين: بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ و قالفي المؤمنين: بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُبَعْضٍ.و اعلم أن الولاية ضد العداوة، و قد ذكرنافيما تقدم أن الأصل في لفظ الولاية القرب،و يتأكد ذلك بأن ضد الولاية هو العداوة، ولفظة العداوة مأخوذة من عدا الشيء إذاجاوز عنه.و اعلم أنه تعالى لما وصف المؤمنين بكونبعضهم أولياء بعض، ذكر بعده ما يجري مجرىالتفسير و الشرح له فقال: يَأْمُرُونَبِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِالْمُنْكَرِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ يُطِيعُونَاللَّهَ وَ رَسُولَهُ فذكر هذه الأمورالخمسة التي بها يتميز المؤمن من المنافق،فالمنافق على ما وصفه اللّه تعالى فيالآية المتقدمة