قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌتَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُتَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِيسَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىيَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَ اللَّهُلا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (24)اعلم أن هذه الآية هي تقرير الجواب الذيذكره في الآية الأولى، و ذلك لأن جماعة منالمؤمنين قالوا يا رسول اللّه، كيف يمكنالبراءة منهم بالكلية؟ و أن هذه البراءةتوجب انقطاعنا عن آبائنا و إخواننا وعشيرتنا و ذهاب تجارتنا، و هلاك أموالنا وخراب ديارنا، و إبقاءنا ضائعين فبين تعالىأنه يجب تحمل جميع هذه المضار الدنيويةليبقى الدين سليما، و ذكر أنه إن كانترعاية هذه المصالح الدنيوية عندكم أولى منطاعة اللّه و طاعة رسوله و من المجاهدة فيسبيل اللّه، فتربصوا بما تحبون حتى يأتياللّه بأمره، أي بعقوبة عاجلة أو آجلة، والمقصود منه الوعيد.ثم قال: وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَالْفاسِقِينَ أي الخارجين عن طاعته إلىمعصيته و هذا أيضا تهديد، و هذه الآية تدلعلى أنه إذا وقع التعارض بين مصلحة واحدةمن مصالح الدين و بين جميع مهمات الدنيا،وجب على المسلم ترجيح الدين على الدنيا.قال الواحدي: قوله: وَ عَشِيرَتُكُمْعشيرة الرجل أهله الأدنون، و هم الذينيعاشرونه، و قرأ أبو بكر عن عاصم وعشيراتكم بالجمع و الباقون على الواحد.أما من قرأ بالجمع، فذلك لأن كل واحد منالمخاطبين له عشيرة، فإذا جمعت قلت:عشيراتكم. و من أفراد قال العشيرة واقعةعلى الجمع و استغنى عن جمعها، و يقوي ذلكأن الأخفش قال: لا تكاد العرب تجمع عشيرةعلى عشيرات إنما يجمعونها على عشائر، وقوله: وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوهاالاقتراف الاكتساب.و اعلم أنه تعالى ذكر الأمور الداعية إلىمخالطة الكفار، و هى أمور أربعة: أولها:مخالطة الأقارب، و ذكر