الحكم الثاني قوله: وَ أَجْدَرُ أَلَّايَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُعَلى رَسُولِهِ
و قوله: أَجْدَرُ أي أولى و أحق، و فيالآية حذف، و التقدير: و أجدر بأن لايعلموا. و قيل في تفسير حدود ما أنزل اللّهمقادير التكاليف و الأحكام. و قيل:مراتب أدلة العدل و التوحيد و النبوة والمعاد وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بما في قلوبخلقه حَكِيمٌ فيما فرض من فرائضه.ثم قال: وَ مِنَ الْأَعْرابِ مَنْيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً [إلى آخرالآية]و المغرم مصدر كالغرامة، و المعنى: أن منالأعراب من يعتقد أن الذي ينفقه في سبيلاللّه غرامة و خسران، و إنما يعتقد ذلكلأنه لا ينفق إلا تقية من المسلمين و رياء،لا لوجه اللّه و ابتغاء ثوابه وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ يعنيالموت و القتل، أي ينتظر أن تنقلب الأمورعليكم بموت الرسول، و يظهر عليكمالمشركون. ثم إنه أعاده إليهم فقال:عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ و الدائرةيجوز أن تكون واحدة، و يجوز أن تكون صفةغالبة، و هي إنما تستعمل في آفة تحيطبالإنسان كالدائرة، بحيث لا يكون له منهامخلص، و قوله: السَّوْءِ قرىء بفتح السينو ضمه. قال الفراء: فتح السين هو الوجه،لأنه مصدر قولك: ساء يسوء سوأ أو مساءة و منضم السين جعله اسما، كقولك: عليهم دائرةالبلاء و العذاب، و لا يجوز ضم السين فيقوله: ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ[مريم: 28] و لا في قوله: وَ ظَنَنْتُمْ ظَنَّالسَّوْءِ [الفتح:12] و إلا لصار التقدير: ما كان أبوك امرأعذاب، و ظننتم ظن العذاب، و معلوم أنه لايجوز، و قال الأخفش و أبو عبيد: من فتحالسين، فهو كقولك: رجل سوء، و امرأة سوء. ثميدخل الألف و اللام. فيقول: رجل السوء وأنشد الأخفش:
و كنت كذئب السوء لما رأى دما
بصاحبهيوما أحال على الدم
بصاحبهيوما أحال على الدم
بصاحبهيوما أحال على الدم