لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌأُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِيَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِرِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلىتَقْوى مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌأَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفاجُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِجَهَنَّمَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِيالْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لا يَزالُبُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةًفِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَقُلُوبُهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(110)[في قوله تعالى لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداًلَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوىمِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْتَقُومَ فِيهِ]قال المفسرون: إن المنافقين لما بنوا ذلكالمسجد لتلك الأغراض الفاسدة عند ذهابرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إلى غزوةتبوك، قالوا: يا رسول اللّه بنينا مسجدالذي العلة و الليلة الممطرة و الشاتية، ونحن نحب أن تصلي لنا فيه و تدعو لنابالبركة. فقال عليه السلام: إني على جناحسفر و إذا قدمنا إن شاء اللّه صلينا فيه،فلما رجع من غزوة تبوك سألوه إتيان المسجدفنزلت هذه الآية، فدعا بعض القوم و قال:انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله،فاهدموه و خربوه، ففعلوا ذلك و أمر أن يتخذمكانه كناسة يلقي فيها الجيف و القمامة. وقال الحسن: هم رسول اللّه صلّى الله عليهوسلّم أن يذهب إلى ذلك المسجد فنادى جبريلعليه السلام لا تقم فيه أبدا.إذا عرفت هذا فنقول: قوله: لا تَقُمْ فِيهِنهي له عليه السلام عن أن يقوم فيه. قال ابنجريح: فرغوا من إتمام ذلك المسجد يومالجمعة، فصلوا فيه ذلك اليوم و يوم السبت والأحد، و انهار في يوم الاثنين. ثم إنهتعالى بين العلة في هذا النهي، و هي أن أحدالمسجدين لما كان مبنيا على التقوى من أوليوم، و كانت الصلاة في مسجد آخر تمنع منالصلاة في مسجد التقوى، كان من المعلومبالضرورة أن يمنع من الصلاة في المسجدالثاني.فإن قيل: كون أحد المسجدين أفضل لا يوجبالمنع من إقامة الصلاة في المسجد الثاني.قلنا: التعليل وقع بمجموع الأمرين، أعنيكون مسجد الضرار سببا للمفاسد الأربعةالمذكورة، و مسجد التقوى مشتملا علىالخيرات الكثيرة. و من الروافض من يقول:بين اللّه تعالى أن المسجد الذي بني من أولالأمر على التقوى أحق بالقيام فيه منالمسجد الذي لا يكون كذلك. و ثبت أن عليا ماكفر باللّه طرفة عين، فوجب أن يكون أولىبالقيام بالإمامة ممن كفر باللّه في أولأمره. و جوابنا أن التعليل وقع بمجموعالأمور المذكورة، فزال هذا السؤال. واختلفوا في أن مسجد التقوى ما هو؟ قيل: إنهمسجد قباء، و كان عليه السلام يأتيه في كلسنة فيصلي فيه، و الأكثرون أنه مسجد رسولاللّه صلّى الله عليه وسلّم، و قال سعيد بنالمسيب: المسجد الذي أسس على التقوى مسجدالرسول عليه السلام، و ذكر أن الرجليناختلفا فيه، فقال أحدهما: مسجد الرسول، وقال آخر: قباء. فسألاه عليه السلام فقال هومسجدي هذا. و قال القاضي: لا يمنع دخولهماجميعا تحت هذا