وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِيالصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهارَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهاإِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَ لَوْأَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُسَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِراغِبُونَ (59)اعلم أن المقصود من هذا شرح نوع آخر منقبائحهم و فضائحهم، و هو طعنهم في الرسولبسبب أخذ الصدقات من الأغنياء و يقولون:إنه يؤثر بها من يشاء من أقاربه و أهلمودته و ينسبونه إلى أنه لا يراعي العدل،و في الآية مسائل:
المسألة الأولى: [في شأن نزول الآية]
قال أبو سعيد الخدري رضي اللّه عنه: بيناالنبي صلّى الله عليه وسلّم يقسم مالا إذجاءه المقداد بن ذي الخويصرة التميمي، وهو حرقوص بن زهير، أصل الخوارج فقال: اعدليا رسول اللّه، فقال: «ويلك و من يعدل إذالم أعدل» فنزلت هذه الآية. قال الكلبي: قالرجل من المنافقين يقال له أبو الجواظلرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم:تزعم أن اللّه أمرك أن تضع الصدقات فيالفقراء و المساكين و لم تضعها في رعاءالشاء؟ فقال رسول اللّه صلّى الله عليهوسلّم:«لا أبا لك أما كان موسى راعيا أما كانداود راعيا» فلما ذهب، قال عليه الصلاة والسلام: «احذروا هذا و أصحابه فإنهممنافقون» و روى أبو بكر الأصم رضي اللّهعنه في «تفسيره»: أنه صلّى الله عليه وسلّمقال لرجل من أصحابه: «ما علمك بفلان» فقال:مالي به علم إلا إنك تدنيه في المجلس وتجزل له العطاء، فقال عليه الصلاة والسلام: «إنه منافق أداري عن نفاقه و أخافأن يفسد على غيره» فقال: لو أعطيت فلانابعض ما تعطيه، فقال عليه الصلاة و السلام:«إنه مؤمن أكله إلى إيمانه، و أما هذافمنافق أداريه خوف إفساده».
المسألة الثانية: قوله: يَلْمِزُكَ
قال الليث: اللمز كالهمز في الوجه. يقال:رجل لمزة يعيبك في وجهك، و رجل همزة يعيبكبالغيب. و قال الزجاج: يقال لمزت الرجلألمزه بالكسر، و ألمزه بضم الميم إذاعيبته، و كذلك همزته أهمزه همزا. إذاعيبته، و الهمزة اللمزة: الذي يغتاب الناسو يعيبهم، و هذا يدل على أن الزجاج لم يفرقبين الهمز و اللمز. قال الأزهري: و أصلالهمز و اللمز الدفع. يقال: همزته و لمزتهإذا دفعته، و فرق أبو بكر الأصم بينهما،فقال: اللمز أن يشير إلى صاحبه بعيب جليسه،و الهمز أن يكسر عينه على جليسه إلى صاحبه.إذا عرفت هذا فنقول: قال ابن عباس: يلمزكيغتابك. و قال قتادة: يطعن عليك. و قالالكلبي: يعيبك في أمر ما، و لا تفاوت بينهذه الروايات إلا في الألفاظ. قال أبو عليالفارسي: ههنا محذوف و التقدير:يعيبك في تفريق الصدقات. قال مولاناالعلامة الداعي إلى اللّه: لفظ القرآن و هوقوله: وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي