أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة لدينا و لامقلية إن تقلت
لدينا و لامقلية إن تقلت لدينا و لامقلية إن تقلت
و قوله: طَوْعاً أَوْ كَرْهاً يريد طائعينأو كارهين. و فيه وجهان: الأول: طائعين منغير إلزام من اللّه و رسوله أو مكرهين منقبل اللّه و رسوله، و سمى الإلزام إكراهالأنهم منافقون، فكان إلزام اللّه إياهمالإنفاق شاقا عليهم كالإكراه، و الثاني:أن يكون التقدير: طائعين من غير إكراه منرؤسائكم، لأن رؤساء أهل النفاق كانوايحملون الاتباع على الإنفاق لما يرون منالمصلحة فيه أو مكرهين من جهتهم.ثم قال تعالى: لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْيحتمل أن يكون المراد أن الرسول صلّى اللهعليه وسلّم لا يتقبل تلك الأموال منهم، ويحتمل أن يكون المراد أنها لا تصير مقبولةعند اللّه.ثم قال تعالى: إِنَّكُمْ كُنْتُمْقَوْماً فاسِقِينَ و هذا إشارة إلى أن عدمالقبول معلل بكونهم فاسقين. قال الجبائي:دلت الآية على أن الفسق يحبط الطاعات،لأنه تعالى بين أن نفقتهم لا تقبل ألبتة، وعلل ذلك بكونهم فاسقين، و معنى التقبل هوالثواب و المدح، و إذا لم يتقبل ذلك كانمعناه أنه لا ثواب و لا مدح، فلما علل ذلكبالفسق دل على أن الفسق يؤثر في إزالة هذاالمعنى، ثم إن الجبائي أكد ذلك بدليلهمالمشهور في هذه المسألة، و هو أن الفسقيوجب الذم و العقاب الدائمين، و الطاعةتوجب المدح و الثواب الدائمين، و الجمعبينهما محال.فكان الجمع بين حصول استحقاقهما محالا.و اعلم أنه كان الواجب عليه أن لا يذكر هذاالاستدلال بعد ما أزال اللّه هذه الشبهةعلى أبلغ الوجوه، و هو قوله: وَ مامَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْنَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوابِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ فبين تعالىبصريح هذا اللفظ أنه لا مؤثر في منع قبولهذه الأعمال إلا الكفر، و عند هذا يصير هذاالكلام من أوضح الدلائل على أن الفسق لايحبط الطاعات، لأنه تعالى لما قال:إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَفكأنه سأل سائل و قال: هذا الحكم معللبعموم كون تلك الأعمال فسقا، أو بخصوص كونتلك الأعمال موصوفة بذلك الفسق؟ فبينتعالى به ما أزال هذه الشبهة، و هو أن عدمالقبول غير معلل بعموم كونه فسقا، بلبخصوص وصفه و هو كون ذلك الفسق كفرا.فثبت أن هذا الاستدلال باطل.
[سورة التوبة (9): آية 54]
وَ ما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْنَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوابِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ لايَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَ هُمْكُسالى وَ لا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (54)و فيه مسائل:
المسألة الأولى: دل صريح هذه الآية علىأنه لا تأثير للفسق من حيث إنه فسق في هذاالمنع،
و ذلك صريح في بطلان قول المعتزلة على مالحصناه و بيناه.
المسألة الثانية: ظاهر اللفظ يدل على أنمنع القبول بمجموع الأمور الثلاثة،
و هي الكفر باللّه و رسوله، و عدم الإتيانبالصلاة إلا على وجه الكسل، و الإنفاق علىسبيل الكراهية.و لقائل أن يقول: الكفر باللّه سبب مستقلفي المنع من القبول، و عند حصول السببالمستقل لا يبقى لغيره أثر، فكيف يمكنإسناد هذا الحكم إلى السببين الباقيين؟