المسألة الخامسة: قال الشافعي رضي اللّهتعالى عنه: الكفار يمنعون من المسجدالحرام خاصة،
و عند مالك: يمنعون من كل المساجد، و عندإبي حنيفة رحمه اللّه: لا يمنعون من المسجدالحرام و لا من سائر المساجد، و الآيةبمنطوقها تبطل قول أبي حنيفة رحمه اللّه،و بمفهومها تبطل قول مالك، أو نقول الأصلعدم المنع، و خالفناه في المسجد الحراملهذا النص الصريح القاطع، فوجب أن يبقى فيغيره على وفق الأصل.
المسألة السادسة: اختلفوا في أن المراد منالمسجد الحرام هل هو نفس المسجد أو المرادمنه جميع الحرم؟
و الأقرب هو هذا الثاني. و الدليل عليهقوله تعالى: وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةًفَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْفَضْلِهِ و ذلك لأن موضع التجارات ليس هوعين المسجد، فلو كان المقصود من هذه الآيةالمنع من المسجد خاصة لما خافوا بسبب هذاالمنع من العيلة، و إنما يخافون العيلةإذا منعوا من حضور الأسواق و المواسم، وهذا استدلال حسن من الآية، و يتأكد هذاالقول بقوله سبحانه وتعالى: سُبْحانَالَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًامِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَىالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى [الإسراء: 1] معأنهم أجمعوا على أنه إنما رفع الرسول عليهالصلاة و السلام من بيت أم هانىء وأيضايتأكد هذا بما روي عن الرسول صلّى اللهعليه وسلّم أنه قال: «لا يجتمع دينان فيجزيرة العرب».و اعلم أن أصحابنا قالوا: الحرم حرام علىالمشركين ولو كان الإمام بمكة، فجاء رسولالمشركين فليخرج إلى الحل لا ستماعالرسالة، و إن دخل مشرك الحرم متواريافمرض فيه أخرجناه مريضا، و إن مات و دفن ولم يعلم نبشناه و أخرجنا عظامه إذا أمكن.