قوله تعالى: وَالْغارِمِينَقال الزجاج: أصل الغرم في اللغة لزوم مايشق و الغرام العذاب اللازم، و سمي العشقغراما لكونه أمرا شاقا و لازما، و منه:فلان مغرم بالنساء إذا كان مولعا بهن، وسمي الدين غراما لكونه شاقا على الإنسان ولازما له، فالمراد بالغارمين المديونون،و نقول: الدين إن حصل بسبب معصية لا يدخل فيالآية، لأن المقصود من صرف المال المذكورفي الآية الإعانة، و المعصية لا تستوجبالإعانة، و إن حصل لا بسبب معصية فهوقسمان: دين حصل بسبب نفقات ضرورية أو فيمصلحة، و دين حصل بسبب حمالات و إصلاح ذاتبين، و الكل داخل في الآية، و روى الأصم في«تفسيره» أن النبى صلّى الله عليه وسلّملما قضى بالغرة في الجنين، قال العاقلة: لانملك الغرة يا رسول اللّه قال لحمد بن مالكبن النابغة: «أعنهم بغرة من صدقاتهم» و كانحمد على الصدقة يومئذ.
الصنف السابع:
قوله تعالى: وَ فِي سَبِيلِاللَّهِقال المفسرون: يعني الغزاة. قال الشافعيرحمه اللّه:يجوز له أن يأخذ من مال الزكاة و إن كانغنيا و هو مذهب مالك و إسحق و أبي عبيد. وقال أبو حنيفة و صاحباه رحمهم اللّه: لايعطى الغازي إلا إذا كان محتاجا.و اعلم أن ظاهر اللفظ في قوله: وَ فِيسَبِيلِ اللَّهِ لا يوجبالقصرعلىكلالغزاة، فلهذا المعنى نقل القفالفى «تفسيره» عن بعض الفقهاء أنهم أجازواصرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفينالموتى و بناء الحصون و عمارة المساجد،لأن قوله: وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عام فيالكل.
و الصنف الثامن:
ابن السبيلقال الشافعي رحمه اللّه: ابن السبيلالمستحق للصدقة و هو الذي يريد السفر فيغير معصية فيعجز عن بلوغ سفره إلا بمعونة.قال الأصحاب: و من أنشأ السفر من بلدهلحاجة، جاز أن يدفع إليه سهم ابن السبيل،فهذا هو الكلام في شرح هذه الأصنافالثمانية.
المسألة الخامسة: في أحكام هذه الأقسام.
الحكم الأول اتفقوا على أن قوله: إِنَّمَاالصَّدَقاتُ دخل فيه الزكاة الواجبة،
لأن الزكاة الواجبة مسماة بالصدقة، قالتعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً[التوبة: 103] و قال عليه الصلاة و السلام:«ليس فيما دون خمسة ذود و ليس فيما دونخمسة أوسق صدقة» و اختلفوا في أنه هل تدخلفيها الصدقة المندوبة فمنهم من قال: تدخلفيها لأن لفظ الصدقة مختص بالمندوبة فإذاأدخلنا فيه الزكاة الواجبة فلا أقل من أنتدخل فيه أيضا الصدقة المندوبة و تكونالفائدة أن مصارف جميع الصدقات ليس إلاهؤلاء، و الأقرب أن المراد من لفظ الصدقاتههنا هو