وَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْلَمِنْكُمْ وَ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْيَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْمُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَ هُمْيَجْمَحُونَ (57)اعلم أنه تعالى لما بين كونهم مستجمعينلكل مضار الآخرة و الدنيا، خائبين عن جميعمنافع الآخرة و الدنيا، عاد إلى ذكرقبائحهم و فضائحهم، و بين إقدامهم علىالأيمان الكاذبة فقال: وَ يَحْلِفُونَبِاللَّهِ أي المنافقون للمؤمنين إذاجالسوهم إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ أي علىدينكم.ثم قال تعالى: وَ ما هُمْ مِنْكُمْ أيليسوا على دينكم وَ لكِنَّهُمْ قَوْمٌيَفْرَقُونَ القتل، فأظهروا الإيمان وأسروا النفاق، و هو كقوله تعالى: وَ إِذالَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّاوَ إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْقالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُمُسْتَهْزِؤُنَ [البقرة: 14] و الفرق الخوف،و منه يقال: رجل فروق. و هو الشديد الخوف، ومنها: أنهم لو وجدوا مفرا يتحصنون فيهآمنين على أنفسهم منكم لفروا إليه ولفارقوكم، فلا تظنوا أن موافقتهم إياكم فيالدار و المسكن عن القلب، فقوله: لَوْيَجِدُونَ مَلْجَأً الملجأ: المكان الذييتحصن فيه، و مثله اللجأ مقصورا مهموزا، وأصله من لجأ إلى كذا يلجأ لجأ بفتح اللام وسكون الجيم، و مثله التجأ و ألجأته إلىكذا، أي جعلته مضطرا إليه، و قوله: أَوْمَغاراتٍ هي جمع مغارة، و هي الموضع الذييغور الإنسان فيه، أي يستتر. قال أبو عبيد:كل شيء جزت فيه فغبت فهو مغارة لك، و منهغار الماء في الأرض و غارت العين. و قوله:مُدَّخَلًا قال الزجاج: أصله مدتخل والتاء بعد الدال تبدل دالا، لأن التاءمهموسة، و الدال مهجورة، و هما من مخرجواحد و هو مفتعل من الدخول، كالمتلج منالولوج. و معناه: المسلك الذي يستتربالدخول فيه. قال الكلبي و ابن زيد: نفقاكنفق اليربوع. و المعنى: أنهم لوجدوا مكاناعلى أحد هذه الوجوه الثلاثة، مع أنها شرالأمكنة لَوَلَّوْا إِلَيْهِ أي رجعواإليه. يقال: ولى بنفسه إذا انصرف و ولى غيرهإذا صرفه و قوله: وَ هُمْ يَجْمَحُونَ أييسرعون إسراعا لا يرد وجوههم شيء، و منهذا يقال: جمح الفرس و هو فرس جموح، و هوالذي إذا حمل لم