[سورة التوبة (9): آية 47]
لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْإِلاَّ خَبالاً وَ لَأَوْضَعُواخِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَوَ فِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)[في قوله تعالى لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مازادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُالْفِتْنَةَ]اعلم أنه تعالى بين في هذه الآية أنواعالمفاسد الحاصلة من خروجهم و هي ثلاثة:الأول: قوله: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مازادُوكُمْ إِلَّا خَبالًاو فيه مسائل:المسألة الأولى: الخبال و الشر و الفسادفي كل شيء،
و منه يسمى العته بالخبل، و المعتوهبالمخبول، و للمفسرين عبارات قال الكلبي:إلا شرا، و قال يمان: إلا مكرا، و قيل: إلاغيا، و قال الضحاك: إلا غدرا، و قيل: الخبالالاضطراب في الرأي، و ذلك بتزيين أمر لقومو تقبيحه لقوم أخرين، ليختلفوا و تفترقكلمتهم.المسألة الثانية: قال بعض النحويين قوله:إِلَّا خَبالًا من الاستثناء المنقطع
و هو أن لا يكون المستثنى من جنس المستثنىمنه، كقولك: ما زادوكم خيرا إلا خبالا، وههنا المستثنى منه غير مذكور و إذا لم يذكروقع الاستثناء من الأعم و العام هوالشيء، فكان الاستثناء متصلا، والتقدير: ما زادوكم شيئا إلا خبالا.المسألة الثالثة: قالت المعتزلة: إنهتعالى بين في الآية الأولى أنه كرهانبعاثهم،
و بين في هذه الآية أنه إنما كره ذلكالانبعاث لكونه مشتملا على هذا الخبال والشر و الفتنة، و ذلك يدل على أنه تعالىيكره الشر و الفتنة و الفساد على الإطلاق،و لا يرضى إلا بالخير، و لا يريد إلاالطاعة.النوع الثاني:
من المفساد الناشئة منخروجهم قوله تعالى: وَ لَأَوْضَعُواخِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَوفي الإيضاح قولان نقلهما الواحدي.القول الأول: وهو قول أكثر أهل اللغة، أنالإيضاع حمل البعير على العدو، و لا يجوزأن يقال:أوضع الرجل إذا سار بنفسه سيرا حثيثا.يقال: وضع البعير إذا عدا و أوضعه الراكبإذا حمله عليه قال الفراء:العرب تقول: وضعت الناقة، و أوضع الراكب،و ربما قالوا للراكب وضع.و القول الثاني: وهو قول الأخفش و أبي عبيدأنه يجوز أن يقال: أوضع الرجل إذا ساربنفسه سيرا حثيثا من غير أن يراد أنه وضعناقته، روى أبو عبيد أن النبي صلّى اللهعليه وسلّم أفاض من عرفة و عليه السكينة وأوضع في وادي محسر و قال لبيد:
أرانا موضعين لحكم غيب
و نسخو بالطعام وبالشراب
و نسخو بالطعام وبالشراب
و نسخو بالطعام وبالشراب
تبالهن بالعدوان لما عرفنني
و قلن امرؤباغ أكل و أوضعا
و قلن امرؤباغ أكل و أوضعا
و قلن امرؤباغ أكل و أوضعا