مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 16 -صفحه : 177/ 149
نمايش فراداده

فالقول الأول:

أن هذا الوعد الذي وعدهللمجاهدين في سبيل اللّه وعد ثابت، فقدأثبته اللّه في التوراة و الإنجيل كماأثبته في القرآن.

و القول الثاني:

المراد أن اللّه تعالىبين في التوراة و الإنجيل أنه اشترى من أمةمحمد عليه الصلاة و السلام أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، كما بين في القرآن.

و القول الثالث:

أن الأمر بالقتال والجهاد هو موجود في جميع الشرائع.

ثم قال تعالى: وَ مَنْ أَوْفى‏بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ‏

و المعني: أن نقض العهد كذب. و أيضا أنه مكرو خديعة، و كل ذلك من القبائح، و هي قبيحةمن الإنسان مع احتياجه إليها، فالغني عنكل الحاجات أولى أن يكون منزها عنها. وقوله: وَ مَنْ أَوْفى‏ بِعَهْدِهِاستفهام بمعنى الإنكار، أي لا أحد أوفىبما وعد من اللّه.

ثم قال: فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُالَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَالْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏

و اعلم أن هذه الآية مشتملة على أنواع منالتأكيدات: فأولها: قوله: إِنَّ اللَّهَاشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَأَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ فيكونالمشتري هو اللّه المقدس عن الكذب والخيانة، و ذلك من أدل الدلائل على تأكيدهذا العهد. و الثاني: أنه عبر عن إيصال هذاالثواب بالبيع و الشراء، و ذلك حق مؤكد. وثالثها: قوله: وَعْداً و وعد اللّه حق. ورابعها: قوله: عَلَيْهِ و كلمة «على»للوجوب. و خامسها: قوله: حَقًّا و هوالتأكيد للتحقيق. و سادسها: قوله: فِيالتَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ و ذلك يجري مجرى إشهاد جميعالكتب الإلهية و جميع الأنبياء و الرسلعلى هذه المبايعة.

و سابعها: قوله: وَ مَنْ أَوْفى‏بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ و هو غاية فيالتأكيد. و ثامنها: قوله: فَاسْتَبْشِرُوابِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وهو أيضا مبالغة في التأكيد. و تاسعها: قوله:وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ و عاشرها: قوله:الْعَظِيمُ فثبت اشتمال هذه الآية على هذهالوجوه العشرة في التأكيد و التقرير والتحقيق. و نختم الآية بخاتمة و هي أن أباالقاسم البلخي استدل بهذه الآية على أنهلا بد من حصول الأعواض عن آلام الأطفال والبهائم. قال لأن الآية دلت على أنه لايجوز إيصال ألم القتل و أخذ الأموال إلىالبالغين إلا بثمن هو الجنة، فلا جرم قال:إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى‏ مِنَالْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَفوجب أن يكون الحال كذلك في الأطفال والبهائم، و لو جاز عليهم التمني لتمنوا أنآلامهم تتضاعف حتى تحصل لهم تلك الأعواضالرفيعة الشريفة، و نحن نقول: لا ننكر حصولالخيرات للأطفال و الحيوانات في مقابلةهذه الآلام، و إنما الخلاف وقع في أن ذلكالعوض عندنا غير واجب، و عندكم واجب، والآية ساكتة عن بيان الوجوب.

[سورة التوبة (9): آية 112]

التَّائِبُونَ الْعابِدُونَالْحامِدُونَ السَّائِحُونَالرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَالْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)

اعلم أنه تعالى لما ذكر في الآية الأولىأنه اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَأَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّلَهُمُ الْجَنَّةَ بين في هذه الآية أنأولئك المؤمنين هم الموصوفون بهذه الصفاتالتسعة.

و فيه مسألتان:

المسألة الأولى: في رفع قوله:التَّائِبُونَ الْعابِدُونَالْحامِدُونَ السَّائِحُونَ وجوه:

الأول: أنه رفع على المدح، و التقدير: همالتائبون، يعني المؤمنين المذكورين فيقوله: اشْتَرى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَأَنْفُسَهُمْ هم‏