مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 16 -صفحه : 177/ 22
نمايش فراداده

فإنه تعالى كفر النصارى بسبب أنهماعتقدوا حلول كلمة اللّه في عيسى و هؤلاءاعتقدوا حلول كلمة اللّه في ألسنة جميع منقرأ القرآن، و في جميع الأجسام التي كتبفيها القرآن، فإذا كان القول بالحلول فيحق الذات الواحدة يوجب التكفير، فلأن يكونالقول بالحلول في حق جميع الأشخاصوالأجسام موجبا للقول بالتكفير كان أولى.

و الصفة الثانية:

من صفاتهم أنهم لايؤمنون باليوم الآخر.

و اعلم أن المنقول عن اليهود و النصارى:إنكار البعث الجسماني، فكأنهم يميلون إلىالبعث الروحاني.

و اعلم أنا بينا في هذا الكتاب أنواعالسعادات و الشقاوات الروحانية، و دللناعلى صحة القول بها و بينا دلالة الآياتالكثيرة عليها، إلا أنا مع ذلك نثبتالسعادات و الشقاوات الجسمانية، و نعترفبأن اللّه يجعل أهل الجنة، بحيث يأكلون ويشربون، و بالجواري يتمتعون، و لا شك أن منأنكر الحشر و البعث الجسماني، فقد أنكرصريح القرآن، و لما كان اليهود و النصارىمنكرين لهذا المعنى، ثبت كونهم منكرينلليوم الآخر.

الصفة الثالثة:

من صفاتهم قوله تعالى: وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ‏

و فيه وجهان: الأول: أنهم لا يحرمون ما حرمفي القرآن و سنة الرسول. و الثاني: قال أبوروق: لا يعملون بما في التوراة و الإنجيل،بل حرفوهما و أتوا بأحكام كثيرة من قبلأنفسهم.

الصفة الرابعة:

قوله: وَ لا يَدِينُونَدِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواالْكِتابَ‏

يقال: فلان يدين بكذا، إذا اتخذه دينا فهومعتقده، فقوله: وَ لا يَدِينُونَ دِينَالْحَقِّ أي لا يعتقدون في صحة دينالإسلام الذي هو الدين الحق، و لما ذكرتعالى هذه الصفات الأربعة قال: مِنَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ فبين بهذاأن المراد من الموصوفين بهذه الصفاتالأربعة من كان من أهل الكتاب، و المقصودتمييزهم من المشركين في الحكم، لأن الواجبفي المشركين القتال أو الإسلام، و الواجبفي أهل الكتاب القتال أو الإسلام أوالجزية.

ثم قال تعالى: حَتَّى يُعْطُواالْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَو فيه مسائل:

المسألة الأولى: قال الواحدي: الجزية هيما يعطي المعاهد على عهده،

و هي فعلة من جزى يجزى إذا قضى ما عليه، واختلفوا في قوله: عَنْ يَدٍ قال صاحب«الكشاف» قوله: عَنْ يَدٍ إما أن يراد بهيد المعطي أو يد الآخذ، فإن كان المراد بهالمعطي، ففيه وجهان: أحدهما: أن يكونالمراد عَنْ يَدٍ مؤاتية غير ممتنعة، لأنمن أبى و امتنع لم يعط يده بخلاف المطيعالمنقاد، و لذلك يقال: أعطى يده إذا انقادو أطاع، ألا ترى إلى قولهم نزع يده عنالطاعة، كما يقال: خلع ربقة الطاعة منعنقه. و ثانيهما: أن يكون المراد حتىيعطوها عن يد إلى يد نقدا غير نسيئة و لامبعوثا على يد أحد، بل على يد المعطي إلىيد الآخذ. و أما إذا كان المراد يد الآخذففيه أيضا وجهان: الأول: أن يكون المرادحتى يعطوا الجزية عن يد قاهرة مستوليةللمسلمين عليهم كما تقول:

اليد في هذا لفلان. و ثانيهما: أن يكونالمراد عن إنعام عليهم، لأن قبول الجزيةمنهم وترك أرواحهم عليهم نعمة عظيمة.

و أما قوله: وَ هُمْ صاغِرُونَ فالمعنى أنالجزية تؤخذ منهم على الصغار و الذل والهوان بأن يأتي بها بنفسه ماشيا غيرراكب، و يسلمها وهو قائم و المتسلم جالس ويؤخذ بلحيته، فيقال له: أد الجزية و إنكان‏