يصح الكذب منه، ثم إنه تعالى أكد كونه غيرمفترى فقال: وَ لكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِيبَيْنَ يَدَيْهِ و هو إشارة إلى أن هذهالقصة و ردت على الوجه الموافق لما فيالتوراة و سائر الكتب الإلهية، و نصبتصديقا على تقدير و لكن كان تصديق الذي بينيديه كقوله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَباأَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَاللَّهِ [الأحزاب:
40] قاله الفراء و الزجاج، ثم قال: و يجوزرفعه في قياس النحو على معنى: و لكن هوتصديق الذي بين يديه.
و الصفة الثالثة: قوله: وَ تَفْصِيلَكُلِّ شَيْءٍ
و فيه قولان: الأول: المراد و تفصيل كلشيء من واقعة يوسف عليه السلام مع أبيه وإخوته، و الثاني: أنه عائد إلى القرآن،كقوله: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْشَيْءٍ [الأنعام: 38] فإن جعل هذا الوصف وصفا لكل القرآن أليق من جعله وصفا لقصةيوسف وحدها، و يكون المراد: ما يتضمن منالحلال و الحرام و سائر ما يتصل بالدين.قال الواحدي على التفسيرين جميعا: فهو منالعام الذي أريد به الخاص كقوله: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[الأعراف: 156] يريد: كل شيء يجوز أن يدخلفيها و قوله: وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّشَيْءٍ [النمل: 23].
الصفة الرابعة و الخامسة: كونها هدى فيالدنيا و سببا لحصول الرحمة في القيامةلقوم يؤمنون
خصهم بالذكر لأنهم هم الذين انتفعوا بهكما قررناه في قوله: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ[البقرة: 2] و اللَّه أعلم بالصواب، و إليهالمرجع و المآب قال المصنف رحمه اللَّهتعالى تم تفسير هذه السورة بحمد اللَّهتعالى يوم الأربعاء السابع من شعبان، ختمبالخير و الرضوان، سنة إحدى و ستمائة، و قدكنت ضيق الصدر جدا بسبب و فاة الولد الصالحمحمد تغمده اللَّه بالرحمة و الغفران وخصه بدرجات الفضل و الإحسان و ذكرت هذهالأبيات في مرثيته على سبيل الإيجاز.
و أنا أوصي من طالع كتابي و استفاد ما فيهمن الفوائد النفيسة العالية أن يخص و لدي ويخصني بقراءة الفاتحة، و يدعو لمن قد ماتفي غربة بعيدا عن الإخوان و الأب و الأمبالرحمة و المغفرة فإني كنت أيضا كثيرالدعاء لمن فعل ذلك في حقي و صلى اللَّهعلى سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم تسليماكثيرا آمين و الحمد اللَّه رب العالمين.