و إنما جاز ضم السين لأنه على حذف الزيادةمن أسعد و لأن سعد لا يتعدى و أسعد يتعدى وسعد و أسعد بمعنى و منه المسعود من أسماءالرجال.
و ههنا وجه آخر و هو أنه ربما اتفق لبعضهمأن يرفع من الجنة إلى العرش و إلى المنازلالرفيعة التي لا يعلمها إلا اللَّه تعالى.
قال اللَّه تعالى: وَعَدَ اللَّهُالْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِجَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَاالْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ مَساكِنَطَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ
و قوله: عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ فيهمسألتان:
فقوله: غَيْرَ مَجْذُوذٍ أي غير مقطوع، ونظيره قوله تعالى في صفة نعيم الجنة لامَقْطُوعَةٍ وَ لا مَمْنُوعَةٍ [الواقعة:33].
فلما خص هذا الموضع بهذا البيان و لم يذكرذلك في جانب الأشقياء دل ذلك على أن المرادمن ذلك الاستثناء هو الانقطاع، فهذا تمامالكلام في هذه الآية.
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُهؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمايَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْغَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)
اعلم أنه تعالى لما شرح أقاصيص عبدةالأوثان ثم أتبعه بأحوال الأشقياء و أحوالالسعداء شرح للرسول عليه الصلاة و السلامأحوال الكفار من قومه فقال: فَلا تَكُ فِيمِرْيَةٍ و المعنى: فلا تكن، إلا أنه حذفالنون لكثرة الاستعمال، و لأن النون إذاوقع على طرف الكلام لم يبق عند التلفظ بهإلا مجرد الغنة فلا جرم أسقطوه، و المعنى:فلا تك في شك من حال ما يعبدون في أنها لاتضر و لا تنفع.
ثم قال تعالى: ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمايَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ و المرادأنهم أشبهوا آباءهم في لزوم الجهل والتقليد.
ثم قال: وَ إِنَّا لَمُوَفُّوهُمْنَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ فيحتمل أنيكون المراد إنا موفوهم نصيبهم أي مايخصهم من العذاب. و يحتمل أن يكون المرادأنهم و إن كفروا و أعرضوا عن الحق فإناموفوهم نصيبهم من الرزق و الخيراتالدنيوية. و يحتمل أيضا أن يكون المراد إناموفوهم نصيبهم من إزالة العذر و إزاحةالعلل و إظهار الدلائل و إرسال الرسل وإنزال الكتب، و يحتمل أيضا أن يكون الكلمرادا.
وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَفَاخْتُلِفَ فِيهِ وَ لَوْ لا كَلِمَةٌسَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَبَيْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّمِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَ إِنَّ كُلاًّلَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَأَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَخَبِيرٌ (111)
اعلم أنه تعالى لما بين في الآية الأولىإصرار كفار مكة على إنكار التوحيد، بينأيضا إصرارهم على إنكار نبوته عليه السلامو تكذيبهم بكتابه، و بين تعالى أن هؤلاءالكفار كانوا على هذه السيرة الفاسدة معكل