المسألة الأولى: المعنى أن من عجلت عقوبتهو من أخرت و من صدق الرسل و من كذب فحالهمسواء
في أنه تعالى يوفيهم جزاء أعمالهم فيالآخرة، فجمعت الآية الوعد و الوعيد فإنتوفية جزاء الطاعات و عد عظيم و توفية جزاءالمعاصي و عيد عظيم، و قوله تعالى: إِنَّهُبِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ توكيد الوعد والوعيد، فإنه لما كان عالما بجميعالمعلومات كان عالما بمقادير الطاعات والمعاصي فكان عالما بالقدر اللائق بكل عملمن الجزاء، فحينئذ لا يضيع شيء من الحقوقو الأجزية و ذلك نهاية البيان.
المسألة الثانية: قرأ أبو عمرو و الكسائيوَ إِنَّ مشددة النون لما خفيفة
قال أبو علي: اللام في لَمَّا هي التيتقتضيه إن و ذلك لأن حرف إن يقتضي أن يدخلعلى خبرها أو اسمها لام كقوله: إِنَّاللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [النحل: 18] وقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً [الحجر: 77] واللام الثانية هي التي تجيء بعد القسمكقولك و اللَّه لتفعلن و لما اجتمع لاماندخلت ما لتفصل بينهما فكلمة ما على هذاالتقدير زائدة، و قال الفراء: ما موصولةبمعنى من و بقية التقرير كما تقدم و مثله:وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ[النساء: 72].و القراءة الثانية: في هذه الآية قرأ ابنكثير و نافع و أبو بكر عن عاصم وَ إِنَّكُلًّا لَمَّا مخففتان و السبب فيه أنهمأعملوا إن مخففة كما تعمل مشددة لأن كلمةإن تشبه الفعل فكما يجوز أعمال الفعل تاماو محذوفا في قولك لم يكن زيد قائما و لم يكزيد قائما فكذلك أن و إن.و القراءة الثالثة: قرأ حمزة و ابن عامر وحفص: وَ إِنَّ كُلًّا لَمَّا [الفجر: 19]مشددتان، قالوا:و أحسن ما قيل فيه إن أصل لما بالتنوينكقوله: أَكْلًا لَمًّا و المعنى أن كلاملمومين أي مجموعين كأنه قيل:و إن كلا جميعا.
المسألة الثالثة: سمعت بعض الأفاضل قال:إنه تعالى لما أخبر عن توفية الأجزية علىالمستحقين في هذه الآية ذكر فيها سبعةأنواع من التوكيدات:
أولها: كلمة «إن» و هي للتأكيد. و ثانيها:كلمة «كل» و هي أيضا للتأكيد. و ثالثها:اللام الداخلة على خبر «إن» و هي تفيدالتأكيد أيضا. و رابعها: حرف «ما» إذاجعلناه على قول الفراء موصولا. و خامسها:القسم المضمر، فإن تقدير الكلام و إنجميعهم و اللَّه ليوفينهم. و سادسها:اللام