المسألة الثانية: قرأ جماعة من الصحابة والتابعين شعفها بالعين.
قال ابن السكيت: يقال شعفه الهوى إذا بلغإلى حد الاحتراق، و شعف الهناء البعير إذابلغ منه الألم إلى حد الاحتراق، و كشف أبوعبيدة عن هذا المعنى فقال: الشعف بالعينإحراق الحب القلب مع لذة يجدها، كما أنالبعير إذا هنىء بالقطران يبلغ منه مثلذلك ثم يستروح إليه. و قال ابن الأنباري:الشعف رؤوس الجبال، و معنى شعف بفلان إذاارتفع حبه إلى أعلى المواضع من قلبه.
المسألة الثالثة: قوله: حُبًّا
نصب على التمييز.ثم قال: إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍمُبِينٍأي في ضلال عن طريق الرشد بسبب حبها إياهكقوله: إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ[يوسف: 8].ثم قال تعالى: فَلَمَّا سَمِعَتْبِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّوَ أَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً و فيالآية مسائل:
المسألة الأولى: المراد من قوله: فَلَمَّاسَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أنها سمعتقولهن
و إنما سمي قولهن مكرا لوجوه: الأول: أنالنسوة إنما ذكرت ذلك الكلام استدعاءلرؤية يوسف عليه السلام و النظر إلى وجههلأنهن عرفن أنهن إذا قلن ذلك عرضت يوسفعليهن ليتمهد عذرها عندهن. الثاني: أنامرأة العزيز أسرت إليهن حبها ليوسف وطلبت منهن كتمان هذا السر، فلما أظهرنالسر كان ذلك غدرا و مكرا. الثالث: أنهن وقعن في غيبتها، و الغيبة إنما تذكر علىسبيل الخفية فأشبهت المكر.
المسألة الثانية: أنها لما سمعت أنهنيلمنها على تلك المحبة المفرطة أرادتإبداء عذرها
فاتخذت مائدة و دعت جماعة من أكابرهن وأعتدت لهن متكأ، و في تفسيره وجوه: الأول:المتكأ النمرق الذي يتكأ عليه. الثاني: أنالمتكأ هو الطعام. قال العتبي و الأصل فيهأن من دعوته ليطعم عندك فقد أعددت له وسادة تسمى الطعام متكأ على الاستعارة، والثالث: متكأ أترجا، و هو قول وهب و أنكرأبو عبيد ذلك و لكنه محمول على أنها و ضعتعندهن أنواع الفاكهة في ذلك المجلس. والرابع: متكأ طعاما يحتاج إلى أن يقطعبالسكين، لأن الطعام متى كان كذلك احتاجالإنسان إلى أن يتكأ عليه عند القطع. ثمنقول: حاصل ذلك أنها دعت أولئك النسوة وأعدت لكل و احدة منهن مجلسا معينا و آتت كلو احدة منهن سكينا أي لأجل أكل الفاكهة أولأجل قطع اللحم ثم إنها أمرت يوسف عليهالسلام بأن يخرج إليهن و يعبر عليهن و أنهعليه السلام ما قدر على مخالفتها خوفامنهافَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ و ههنا مسائل:
المسألة الأولى: في أَكْبَرْنَهُ قولان:
الأول: أعظمنه. و الثاني: أكبرن بمعنى حضن.قال الأزهري و الهاء للسكت يقال أكبرتالمرأة إذا حاضت، و حقيقته دخلت في الكبرلأنها بالحيض تخرج من حد الصغر إلى حدالكبر و فيه وجه آخر، و هو أن المرأة إذاخافت و فزعت فربما أسقطت و لدها فحاضت، فإنصح تفسير الإكبار بالحيض فالسبب فيه ماذكرناه و قوله: وَ قَطَّعْنَأَيْدِيَهُنَّ كناية عن دهشتهن و حيرتهن،و السبب في حسن هذه الكناية أنها لما دهشتفكانت تظن أنها تقطع الفاكهة و كانت تقطعيد نفسها، أو يقال: إنها لما