المسألة الأولى: قرأ نافع في غيابات الجبعلى الجمع في الحرفين،
هذا و الذي بعده، و الباقون غَيابَتِ علىالواحد في الحرفين. أما وجه الغيابات فهوأن للجب أقطارا و نواحي، فيكون فيهاغيابات، و من وحد قال: المقصود موضوع و احدمن الجب يغيب فيه يوسف، فالتوحيد أخص و أدلعلى المعنى المطلوب.و قرأ الجحدري في غيبة الجب.
المسألة الثانية: قال أهل اللغة: الغيابةكل ما غيب شيئا و ستره، فغيابة الجب غوره،
و ما غاب منه عن عين الناظر و أظلم منأسفله. و الجب البئر التي ليست بمطوية سميتجبا، لأنها قطعت قطعا و لم يحصل فيها غيرالقطع من طي أو ما أشبه ذلك، و إنما ذكرتالغيابة مع الجب دلالة على أن المشير أشاربطرحه في موضع مظلم من الجب لا يلحقه نظرالناظرين فأفاد ذكر الغيابة هذا المعنى إذكان يحتمل أن يلقى في موضع من الجب لا يحولبينه و بين الناظرين.
المسألة الثالثة: الألف و اللام في الجبتقتضي المعهود السابق،
اختلفوا في ذلك الجب فقال قتادة:هو بئر ببيت المقدس، و قال وهب: هو بأرضالأردن، و قال مقاتل: هو على ثلاثة فراسخمن منزل يعقوب، و إنما عينوا ذلك الجبللعلة التي ذكروها و هي قولهم:يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ و ذلكلأن تلك البئر كانت معروفة و كانوا يردونعليها كثيرا، و كان يعلم أنه إذا طرح فيهايكون إلى السلامة أقرب، لأن السيارة إذاجازوا وردوها، و إذا و ردوها شاهدوا ذلكالإنسان فيها، و إذا شاهدوه أخرجوه وذهبوا به فكان إلقاؤه فيها أبعد عن الهلاك.
المسألة الرابعة: الالتقاط تناول الشيءمن الطريق،
و منه: اللقطة و اللقيط، و قرأ الحسنتلتقطه بالتاء على المعنى، لأن بعضالسيارة أيضا سيارة، و السيارة الجماعةالذين يسيرون في الطريق للسفر. قال ابنعباس: يريد المارة و قوله: إِنْ كُنْتُمْفاعِلِينَ فيه إشارة إلى أن الأولى أن لاتفعلوا شيئا من ذلك، و أما إن كان و لا بدفاقتصروا على هذا القدر و نظيره قولهتعالى: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوابِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ [النحل: 126]يعني الأولى أن لا تفعلوا ذلك.
[سورة يوسف (12): الآيات 11 الى 12]
قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّاعَلى يُوسُفَ وَ إِنَّا لَهُلَناصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداًيَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ وَ إِنَّا لَهُلَحافِظُونَ (12)اعلم أن هذا الكلام يدل على أن يعقوب عليهالسلام كان يخافهم على يوسف و لولا ذلك وإلا لما قالوا هذا القول.و اعلم أنهم لما أحكموا العزم ذكروا هذاالكلام و أظهروا عند أبيهم أنهم في غايةالمحبة ليوسف و في غاية الشفقة عليه، وكانت عادتهم أن يغيبوا عنه مدة إلى الرعيفسألوه أن يرسله معهم و قد كان عليه السلاميحب تطييب قلب يوسف فاغتر بقولهم و أرسلهمعهم.و في الآية مسائل: