وَ قالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاأُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِفَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَاالصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِبَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌعِجافٌ وَ سَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَىالنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)اعلم أن الملك لما سأل الملأ عن الرؤيا واعترف الحاضرون بالعجز عن الجواب قالالشرابي إن في الحبس رجلا فاضلا صالحاكثير العلم كثير الطاعة قصصت أنا و الخبازعليه منامين فذكر تأويلهما فصدق في الكل وما أخطأ في حرف فإن أذنت مضيت إليه و جئتكبالجواب. فهذا هو قوله: وَ قالَ الَّذِينَجا مِنْهُما.و أما قوله: وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍفنقول: سيجيء ادكر في تفسير قوله تعالى:مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 51] في سورة القمرقال صاحب «الكشاف» وَ ادَّكَرَ بالدال هوالفصيح عن الحسن و اذكر بالذال أي تذكر، وأما الأمة ففيه وجوه: الأول: بَعْدَأُمَّةٍ أي بعد حين، و ذلك لأن الحين إنمايحصل عند اجتماع الأيام الكثيرة كما أنالأمة إنما تحصل عند اجتماع الجمع العظيمفالحين كان أمة من الأيام و الساعاتوالثاني: قرأ الأشهب العقيلي بَعْدَأُمَّةٍ بكسر الهمزة و الإمة النعمة قالعدي:ثم بعد الفلاح و الملك و الإمة و ارتهمهناك القبور و المعنى: بعدما أنعم عليهبالنجاة. الثالث: قرىء بَعْدَ أُمَّةٍ أيبعد نسيان يقال أمه يأمه أمها إذا نسي والصحيح أنها بفتح الميم و ذكره أبو عبيدةبسكون الميم، و حاصل الكلام أنه إما أنيكون المراد و ادكر بعد مضي الأوقاتالكثيرة من الوقت الذي أوصاه يوسف عليهالسلام بذكره عند الملك، و المراد و ادكربعد وجدان النعمة عند ذلك الملك أو المرادو ادكر بعد النسيان.فإن قيل: قوله: وَ ادَّكَرَ بَعْدَأُمَّةٍ يدل على أن الناسي هو الشرابي وأنتم تقولون الناسي هو يوسف عليه السلام.قلنا: قال ابن الأنباري: ادكر بمعنى ذكر وأخبر و هذا لا يدل على سبق النسيان فلعلالساقي إنما لم يذكره للملك خوفا من أنيكون ذلك اذكارا لذنبه الذي من أجله حبسهفيزداد الشر و يحتمل أيضا أن يقال: حصلالنسيان ليوسف عليه السلام و حصل أيضالذلك الشرابي. و أما قوله: فَأَرْسِلُونِخطاب إما للملك و الجمع أو للملك و حده علىسبيل التعظيم، أما قوله: يُوسُفُ أَيُّهَاالصِّدِّيقُ ففيه محذوف، و التقدير: فأرسلو أتاه