ليس الفتى بفتى لا يستضاء به و لا يكونله في الأرض آثار
و لا يكونله في الأرض آثار و لا يكونله في الأرض آثار
الثاني: أنه تعالى أطال أعماركم فيها واشتقاق وَ اسْتَعْمَرَكُمْ من العمر مثلاستبقاكم من البقاء.و الثالث: أنه مأخوذ من العمرى، أي جعلهالكم طول أعماركم فإذا متم انتقلت إلىغيركم.و اعلم أن في كون الأرض قابلة للعماراتالنافعة للإنسان، و كون الإنسان قادراعليها دلالة عظيمة على وجود الصانع، ويرجع حاصله إلى ما ذكره اللَّه تعالى فيآية أخرى و هي قوله: وَ الَّذِي قَدَّرَفَهَدى [الأعلى:3] و ذلك لأن حدوث الإنسان مع أنه حصل فيذاته العقل الهادي و القدرة على التصرفاتالموافقة يدل على وجود الصانع الحكيم وكون الأرض موصوفة بصفات مطابقة للمصالحموافقة للمنافع يدل أيضا على وجود الصانعالحكيم.أما قوله: فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّتُوبُوا إِلَيْهِ فقد تقدم تفسيره.و أما قوله: إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌيعني أنه قريب بالعلم و السمع مُجِيبٌدعاء المحتاجين بفضله و رحمته، ثم بينتعالى أن صالحا عليه السلام لما قرر هذهالدلائل قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَفِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا و فيه وجوه:الأول: أنه لما كان رجلا قوي العقل قويالخاطر و كان من قبيلتهم قوي رجاؤهم في أنينصر دينهم و يقوي مذهبهم و يقرر طريقتهملأنه متى حدث رجل فاضل في قوم طمعوا فيه منهذا الوجه.الثانى: قال بعضهم المراد أنك كنت تعطفعلى فقرائنا و تعين ضعفاءنا و تعود مرضانافقوي رجاؤنا فيك أنك من الأنصار والأحباب، فكيف أظهرت العداوة و البغضة ثمإنهم أضافوا إلى هذا الكلام التعجب الشديدمن قوله: أَ تَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ مايَعْبُدُ آباؤُنا و المقصود من هذا الكلامالتمسك بطريق التقليد و وجوب متابعةالآباء و الأسلاف، و نظير هذا التعجب ماحكاه اللَّه تعالى عن كفار مكة حيث قالوا:أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداًإِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ [ص: 5] ثمقالوا: وَ إِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّاتَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ و الشك هو أنيبقى الإنسان متوقفا بين النفي و الإثباتو المريب هو الذي يظن به السوء فقوله: وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ يعني به أنه لم يترجحفي اعتقادهم صحة قوله و قوله: مُرِيبٍ يعنيأنه ترجح في اعتقادهم فساد قوله و هذامبالغة في تزييف كلامه.
[سورة هود (11): آية 63]
قالَ يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْكُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْيَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْعَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَتَخْسِيرٍ (63)اعلم أن قوله: إِنْ كُنْتُ عَلىبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي و رد بحرف الشك وكان على يقين تام في أمره إلا أن خطابالمخالف على هذا الوجه أقرب إلى القبول،فكأنه قال: قدروا أني على بينة من ربي و أنينبي على الحقيقة، و انظروا أني إن تابعتكمو عصيت ربي في أوامره فمن يمنعني من عذاباللَّه فما تزيدونني على هذا التقدير غيرتخسير، و في تفسير هذه الكلمة وجهان:الأول: أن على هذا التقدير تخسرون أعمالي وتبطلونها. الثاني: أن يكون التقدير فماتزيدونني بما تقولون لي و تحملوني عليهغير أن أخسركم أي أنسبكم إلى الخسران، وأقول لكم إنكم خاسرون، و القول الأول أقربلأن قوله: فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَاللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ [هود: 63] كالدلالة