وَ قُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَاعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّاعامِلُونَ (121) وَ انْتَظِرُوا إِنَّامُنْتَظِرُونَ (122) وَ لِلَّهِ غَيْبُالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَيْهِيُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُوَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَ ما رَبُّكَبِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)اعلم أنه تعالى لما بلغ الغاية في الأعذارو الإنذار، و الترغيب و الترهيب، أتبع ذلكبأن قال للرسول:وَ قُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ و لمتؤثر فيهم هذه البيانات البالغةاعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّاعامِلُونَ و هذا عين ما حكاه اللَّه تعالىعن شعيب عليه السلام أنه قال لقومه، والمعنى: افعلوا كل ما تقدرون عليه في حقيمن الشر، فنحن أيضا عاملون. و قوله:اعْمَلُوا و إن كانت صيغته صيغة الأمر،إلا أن المراد منها التهديد، كقوله تعالىلإبليس: وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَمِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْعَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ[الإسراء: 64] و كقوله:فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَفَلْيَكْفُرْ [الكهف: 29] و انتظروا مايعدكم الشيطان من الخذلان فإنا منتظرون ماوعدنا الرحمن من أنواع الغفران و الإحسان.قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: وَانْتَظِرُوا الهلاك فإنا منتظرون لكمالعذاب. ثم إنه تعالى ذكر خاتمة شريفةعالية جامعة لكل المطالب الشريفة المقدسةفقال: وَ لِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.و اعلم أن مجموع ما يحتاج الإنسان إلىمعرفته أمور ثلاثة. و هي: الماضي و الحاضر والمستقبل. أما الماضي فهو أن يعرف الموجودالذي كان موجودا قبله، و ذلك الموجودالمتقدم عليه هو الذي نقله من العدم إلىالوجود، و ذلك هو الإله تعالى و تقدس.