[في قوله تعالى الر تِلْكَ آياتُالْكِتابِ الْمُبِينِ]
و قد ذكرنا في أول سورة يونس تفسير: الرتِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ [يونس:1] فقوله: تِلْكَ إشارة إلى آيات هذه السورةأي تلك الآيات التي أنزلت إليك في هذهالسورة المسماة الر هي آياتُ الْكِتابِالْمُبِينِ و هو القرآن، و إنما وصفالقرآن بكونه مبينا لوجوه: الأول: أنالقرآن معجزة قاهرة و آية بينة لمحمد صلّىالله عليه وسلّم. و الثاني: أنه بين فيهالهدى و الرشد، و الحلال و الحرام، و لمابينت هذه الأشياء فيه كان الكتاب مبينالهذه الأشياء. الثالث: أنه بينت فيه قصصالأولين و شرحت فيه أحوال المتقدمين.ثم قال: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناًعَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وفيه مسائل:
المسألة الأولى: روي أن علماء اليهودقالوا لكبراء المشركين، سلوا محمدا لمانتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر،
و عن كيفية قصة يوسف، فأنزل اللَّه تعالىهذه الآية، و ذكر فيها أنه تعالى عبر عنهذه القصة بألفاظ عربية، ليتمكنوا منفهمها و يقدروا على تحصيل المعرفة بها. والتقدير: إنا أنزلنا هذا الكتاب الذي فيهقصة يوسف في حال كونه قرآنا عربيا، و سمىبعض القرآن قرآنا، لأن القرآن اسم جنس يقععلى الكل و البعض.
المسألة الثانية: احتج الجبائي بهذهالآية على كون القرآن مخلوقا من ثلاثةأوجه:
الأول: أن قوله: إِنَّا أَنْزَلْناهُ يدلعليه، فإن القديم لا يجوز تنزيله و إنزالهو تحويله من حال إلى حال، الثاني: أنهتعالى وصفه بكونه عربيا و القديم لا يكونعربيا و لا فارسيا. الثالث: أنه لما قال:إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناًعَرَبِيًّا دل على أنه تعالى كان قادراعلى أن ينزله لا عربيا، و ذلك يدل علىحدوثه. الرابع: أن قوله: تِلْكَ آياتُالْكِتابِ يدل على أنه مركب من الآيات والكلمات، و كل ما كان مركبا كان محدثا.و الجواب عن هذه الوجوه بأسرها أن نقول:إنها تدل على أن المركب من الحروف والكلمات و الألفاظ و العبارات محدث و ذلكلا نزاع فيه، إنما الذي ندعي قدمه شيءآخر فسقط هذا الاستدلال.