المسألة الأولى: الضمير في وَ أَسَرُّوهُإلى من يعود؟
فيه قولان: الأول: أنه عائد إلى الوارد وأصحابه أخفوا من الرفقة أنهم وجدوه فيالجب، و ذلك لأنهم قالوا: إن قلنا للسيارةالتقطناه شاركونا فيه، و إن قلنااشتريناه: سألونا الشركة، فالأصوب أننقول: إن أهل الماء جعلوه بضاعة عندنا علىأن نبيعه لهم بمصر.و الثاني: نقل عن ابن عباس أنه قال: وَأَسَرُّوهُ يعني: إخوة يوسف أسروا شأنه، والمعنى: أنهم أخفوا كونه أخا لهم، بلقالوا: إنه عبد لنا أبق منا و تابعهم علىذلك يوسف لأنهم توعدوه بالقتل بلسانالعبرانية، و الأول أولى لأن قوله: وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً يدل على أن المرادأسروه حال ما حكموا بأنه بضاعة، و ذلك إنمايليق بالوارد لا بإخوة يوسف.
قال الزجاج:و بضاعة منصوبة على الحال كأنه قال: وأسروه حال ما جعلوه بضاعة.ثم قال تعالى: وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِمايَعْمَلُونَو المراد منه أن يوسف عليه السلام لما رأىالكواكب و الشمس و القمر في النوم سجدت لهو ذكر ذلك حسده إخوته عليه و احتالوا فيإبطال ذلك الأمر عليه فأوقعوه في البلاءالشديد حتى لا يتيسر له ذلك المقصود، و أنهتعالى جعل وقوعه في ذلك البلاء سببا إلىوصوله إلى مصر، ثم تمادت و قائعه و تتابعالأمر إلى أن صار ملك مصر و حصل ذلك الذيرآه في النوم فكان العمل الذي عملهالأعداء في دفعه عن ذلك المطلوب صيرهاللَّه تعالى سببا لحصول ذلك المطلوب،فلهذا المعنى قال: وَ اللَّهُ عَلِيمٌبِما يَعْمَلُونَ.ثم قال تعالى: وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍبَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍأما قوله: وَ شَرَوْهُ ففيه قولان:القول الأول: المراد من الشراء هو البيع،و على هذا التقدير ففي ذلك البائع قولان:القول الأول: قال ابن عباس رضي اللَّهعنهما: إن إخوة يوسف لما طرحوا يوسف فيالجب و رجعوا عادوا بعد ثلاث يتعرفونخبره، فلما لم يروه في الجب و رأوا آثارالسيارة طلبوهم فلما رأوا يوسف قالوا: هذاعبدنا أبق منا فقالوا لهم: فبيعوه منافباعوه منهم، و المراد من قوله: وَشَرَوْهُ أي باعوه يقال: شريت الشيء إذابعته، و إنما وجب حمل هذا الشراء علىالبيع، لأن الضمير في قوله: وَ شَرَوْهُ وفي قوله: وَ كانُوا فِيهِ مِنَالزَّاهِدِينَ عائد إلى شيء و احد لكنالضمير في قوله: وَ كانُوا فِيهِ مِنَالزَّاهِدِينَ عائد إلى الإخوة فكذا في