وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَأَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَلَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قالُواتَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَالْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جاءَالْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِفَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْلَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مالا تَعْلَمُونَ (96) قالُوا يا أَبانَااسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّاكُنَّا خاطِئِينَ (97) قالَ سَوْفَأَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَالْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)يقال: فصل فلان من عند فلان فصولا إذا خرجمن عنده. و فصل مني إليه كتابا إذا أنفذ بهإليه. و فصل يكون لازما و متعديا و إذا كانلازما فمصدره الفصول و إذا كان متعديافمصدره الفصل قال لما خرجت العير من مصرمتوجهة إلى كنعان قال يعقوب عليه السلاملمن حضر عنده من أهله و قرابته و ولد ولدهإِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لاأَنْ تُفَنِّدُونِ و لم يكن هذا القول معأولاده لأنهم كانوا غائبين بدليل أنه عليهالسلام قال لهم:اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَوَ أَخِيهِ [يوسف: 87] و اختلفوا في قدرالمسافة فقيل: مسيرة ثمانية أيام، و قيلعشرة أيام، و قيل ثمانون فرسخا. و اختلفوافي كيفية وصول تلك الرائحة إليه، فقالمجاهد: هبت ريح فصفقت القميص ففاحت روائحالجنة في الدنيا و اتصلت بيعقوب فوجد ريحالجنة فعلم عليه السلام أنه ليس في الدنيامن ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص،فمن ثم قال: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَيُوسُفَ و روى الواحدي بإسناده عن أنس بنمالك عن رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّمأنه قال: أما قوله: اذْهَبُوا بِقَمِيصِيهذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِييَأْتِ بَصِيراً [يوسف: 93] فإن نمروذالجبار لما ألقى إبراهيم في النار نزلعليه جبريل عليه السلام بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة فألبسه القميص و أجلسه علىالطنفسة و قعد معه يحدثه، فكسا إبراهيمعليه السلام ذلك القميص إسحاق و كساه إسحقيعقوب و كساه يعقوب يوسف فجعله في قصبة منفضة و علقها في عنقه فألقى في الجب والقميص في عنقه فلذلك قوله: اذْهَبُوابِقَمِيصِي هذا و التحقيق أن يقال: إنهتعالى أوصل تلك الرائحة