المسألة الأولى: اعلم أن قوله: رَبِّإِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فقد ذكرناالخلاف في أنه هل كان ابنا له أم لا
فلا نعيده، ثم إنه تعالى ذكر أنه قال: يانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ واعلم أنه لما ثبت بالدليل أنه كان ابنا لهوجب حمل قوله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْأَهْلِكَ على أحد وجهين: أحدهما: أن يكونالمراد أنه ليس من أهل دينك.و الثاني: المراد أنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك و القولان متقاربان.
المسألة الثانية: هذه الآية تدل على أنالعبرة بقرابة الدين لا بقرابة النسب
فإن في هذه الصورة كانت قرابة النسب حاصلةمن أقوى الوجوه و لكن لما انتفت قرابةالدين لا جرم نفاه اللَّه تعالى بأبلغالألفاظ و هو قوله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْأَهْلِكَ.ثم قال تعالى: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُصالِحٍقرأ الكسائي: عمل على صيغة الفعل الماضي،و غير بالنصب، و المعنى: إن ابنك عمل عملاغير صالح يعني أشرك و كذب، و كلمة غَيْرُنصب، لأنها نعت لمصدر محذوف، و قرأالباقون: عمل بالرفع و التنوين، و فيهوجهان: الأول: أن الضمير في قوله إنه عائدإلى السؤال، يعني أن هذا السؤال عمل و هوقوله: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّوَعْدَكَ الْحَقُّ غير صالح، لأن طلب نجاةالكافر بعد أن سبق الحكم، الجزم بأنه لاينجي أحدا منهم سؤال باطل. الثاني: أن يكونهذا الضمير عائدا إلى الابن، و على هذاالتقدير ففي وصفه بكونه عملا غير صالحوجوه: الأول: إن الرجل إذا كثر عمله وإحسانه يقال له: إنه علم و كرم وجود، فكذاههنا لما كثر إقدام ابن نوح على الأعمالالباطلة حكم عليه بأنه في نفسه عمل باطل.الثاني: أن يكون المراد أنه ذو عمل باطل،فحذف المضاف لدلالة الكلام عليه. الثالث:قال بعضهم معنى قوله: إِنَّهُ عَمَلٌغَيْرُ صالِحٍ أي إنه ولد زنا و هذا القولباطل قطعا.