المسألة الأولى: لقائل أن يقول: في قوله:إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لايُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ توهم أنه عليهالسلام كان في هذه الملة. - مفاتیح الشرائع جلد 18
المسألة الأولى: لقائل أن يقول: في قوله:إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لايُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ توهم أنه عليهالسلام كان في هذه الملة.
فنقول جوابه من وجوه: الأول: أن التركعبارة عن عدم التعرض للشيء و ليس من شرطهأن يكون قد كان خائضا فيه. و الثاني: و هوالأصح أن يقال إنه عليه السلام كان عبدالهم بحسب زعمهم و اعتقادهم الفاسد، و لعلهقبل ذلك كان لا يظهر التوحيد و الإيمانخوفا منهم على سبيل التقية، ثم إنه أظهرهفي هذا الوقت، فكان هذا جاريا مجرى ترك ملةأولئك الكفرة بحسب الظاهر.
المسألة الثانية: تكرير لفظ (هم) في قوله:وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَلبيان اختصاصهم بالكفر،
و لعل إنكارهم للمعاد كان أشد من إنكارهمللمبدأ، فلأجل مبالغتهم في إنكار المعادكرر هذا اللفظ للتأكيد.و اعلم أن قوله: إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ إشارةإلى علم المبدأ. و قوله: وَ هُمْبِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ إشارة إلىعلم المعاد، و من تأمل في القرآن المجيد وتفكر في كيفية دعوة الأنبياء عليهم السلامعلم أن المقصود من إرسال الرسل و إنزالالكتب صرف الخلق إلى الإقرار بالتوحيد وبالمبدأ و المعاد، و إن ما و راء ذلك عبث.ثم قال تعالى: وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَآبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ و فيه سؤالات:السؤال الأول: ما الفائدة في ذكر هذاالكلام.الجواب: أنه عليه السلام لما ادعى النبوةو تحدى بالمعجزة و هو علم الغيب قرن بهكونه من أهل بيت النبوة، و أن أباه وجدهوجد أبيه كانوا أنبياء اللَّه و رسله، فإنالإنسان متى ادعى حرفة أبيه وجده لميستبعد ذلك منه، و أيضا فكما أن درجةإبراهيم عليه السلام و إسحاق و يعقوب كانأمرا مشهورا في الدنيا، فإذا ظهر أنهولدهم عظموه و نظروا إليه بعين الإجلال،فكان انقيادهم له أتم و تأثر قلوبهمبكلامه أكمل.السؤال الثاني: لما كان نبيا فكيف قال: إنياتبعت ملة آبائي،و النبي لا بد و أن يكون مختصا بشريعةنفسه.قلنا: لعل مراده التوحيد الذي لم يتغير، وأيضا لعله كان رسولا من عند اللَّه، إلاأنه كان على شريعة إبراهيم عليه السلام.السؤال الثالث: لم قال: ما كانَ لَنا أَنْنُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ و حالكل المكلفين كذلك؟و الجواب: ليس المراد بقوله: ما كانَ لَناأنه حرم ذلك عليهم، بل المراد أنه تعالىظهر آباءه عن الكفر، و نظيره قوله: ما كانَلِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ[مريم: 35].السؤال الرابع: ما الفائدة في قوله: مِنْشَيْءٍ.الجواب: أن أصناف الشرك كثيرة، فمنهم منيعبد الأصنام، و منهم من يعبد النار، ومنهم من يعبد