[في قوله تعالى يَوْمَ يَأْتِ لاتَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ]
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قرأ أبو عمرو و عاصم وحمزة يَأْتِ بحذف الياء و الباقون بإثباتالياء.
قال صاحب «الكشاف»: و حذف الياء والاجتزاء عنها بالكسرة كثير في لغة هذيل،و نحوه قولهم لا أدر حكاه الخليل و سيبويه.
المسألة الثانية: قال صاحب «الكشاف»: فاعليأتي هو اللَّه تعالى
كقوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْيَأْتِيَهُمُ اللَّهُ [البقرة: 210] و قوله:أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ [الأنعام: 158] ويعضده قراءة من قرأ و ما يؤخره بالياء أقوللا يعجبني هذا التأويل، لأن قوله: هَلْيَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُاللَّهُ حكاه اللَّه تعالى عن أقوام والظاهر أنهم هم اليهود، و ذلك ليس فيه حجةو كذا قوله: أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أماههنا فهو صريح كلام اللَّه تعالى و إسنادفعل الإتيان إليه مشكل.فإن قالوا: فما قولك في قوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ.قلنا: هناك تأويلات، و أيضا فهو صريح، فلايمكن دفعه فوجب الامتناع منه بل الواجب أنيقال: المراد منه يوم يأتي الشيء المهيبالهائل المستعظم، فحذف اللَّه تعالى ذكرهبتعيينه ليكون أقوى في التخويف.
المسألة الثالثة: قال صاحب «الكشاف»:العامل في انتصاب الظرف هو قوله: لاتَكَلَّمُ أو إضمار اذكر.
أما قوله: لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّابِإِذْنِهِ ففيه حذف، و التقدير: لا تكلمنفس فيه إلا بإذن اللَّه تعالى.فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية و بينسائر الآيات التي توهم كونها مناقضة لهذهالآية منها قوله تعالى: يَوْمَ تَأْتِيكُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها[النحل: 111] و منها أنهم يكذبون و يحلفونباللَّه عليه و هو قولهم: وَ اللَّهِرَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23] و منها قوله تعالى: وَ قِفُوهُمْإِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ [الصافات:24] و منها قوله: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَوَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ[المرسلات: 35].و الجواب من وجهين: الأول: أنه حيث و ردالمنع من الكلام فهو محمول على الجواباتالحقية الصحيحة. الثاني: أن ذلك اليوم يومطويل و له مواقف، ففي بعضها يجادلون عنأنفسهم، و في بعضها يكفون عن الكلام، و فيبعضها يؤذن لهم فيتكلمون، و في بعضها يختمعلى أفواههم و تتكلم أيديهم و تشهد أرجلهم.أما قوله: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌففيه مسائل:
المسألة الأولى: قال صاحب «الكشاف»:الضمير في قوله: فَمِنْهُمْ لأهل الموقف
و لم يذكر لأنه معلوم و لأن قوله: لاتَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ يدلعليه لأنه قد مر ذكر الناس في قوله:مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ [هود: 103].