وَ لَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوىإِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَاأَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوايَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْبِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِيرَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌأَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْلَسارِقُونَ (70) قالُوا وَ أَقْبَلُواعَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ (71) قالُوانَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْجاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِزَعِيمٌ (72)اعلم أنهم لما أتوه بأخيه بنيامين أكرمهمو أضافهم و أجلس كل اثنين منهم على مائدةفبقي بنيامين وحده فبكى و قال لو كان أخييوسف حيا لأجلسني معه فقال يوسف بقي أخوكموحيدا فأجلسه معه على مائدة ثم أمر أن ينزلمنهم كل اثنين بيتا و قال: هذا لا ثاني لهفاتركوه معي فآواه إليه، و لما رأى يوسفتأسفه على أخ له هلك قال له: أ تحب أن أكونأخاك بدل أخيك الهالك قال: من يجد أخا مثلكو لكنك لم يلدك يعقوب و لا راحيل فبكى يوسفعليه السلام و قام إليه و عانقه و قال: إنيأنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون.إذا عرفت هذا فنقول: قوله: آوى إِلَيْهِأَخاهُ أي أنزله في الموضع الذي كان يأويإليه. و قوله: إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فيهقولان: قال وهب: لم يرد أنه أخوه من النسب،و لكن أراد به إني أقوم لك مقام أخيك فيالإيناس لئلا تستوحش بالتفرد. و الصحيح ماعليه سائر المفسرين من أنه أراد تعريفالنسب، لأن ذلك أقوى في إزالة الوحشة وحصول الأنس، و لأن الأصل في الكلامالحقيقة، فلا وجه لصرفه عنها إلى المجازمن غير ضرورة.و أما قوله: فَلا تَبْتَئِسْ فقال أهلاللغة: تبتئس تفتعل من البؤس و هو الضرر والشدة و الابتئاس اجتلاب الحزن و البؤس. وقوله: بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فيه وجوه:الأول: المراد بما كانوا يعملون منإقامتهم على حسدنا و الحرص على انصراف وجهأبينا عنا، الثاني: أن يوسف عليه السلام مابقي في قلبه شيء من العداوة و صار صافيامع إخوته، فأراد أن يجعل قلب أخيه صافيامعهم أيضا، فقال: فَلا تَبْتَئِسْ بِماكانُوا يَعْمَلُونَ أي لا تلتفت إلى ماصنعوه فيما تقدم، و لا تلتفت إلى أعمالهمالمنكرة التي أقدموا عليها. الثالث: أنهمإنما فعلوا