المسألة الثانية: أن الكافر و الفاسق يجبعليهما الرجوع عن الكفر و الفسق
ففي تلك الحالة لا يصح اشتغالهمابالاستقامة، و أما التائب عن الكفر والفسق فإنه يصح منه الاشتغال بالاستقامةعلى مناهج دين اللَّه تعالى و البقاء علىطريق عبودية اللَّه تعالى، ثم قال: وَ لاتَطْغَوْا و معنى الطغيان أن يجاوزالمقدار. قال ابن عباس: يريد تواضعوا للَّهتعالى و لا تتكبروا على أحد و قيل و لاتطغوا في القرآن فتحلوا حرامه و تحرمواحلاله، و قيل: لا تتجاوزوا ما أمرتم به و حدلكم، و قيل: و لا تعدلوا عن طريق شكره والتواضع له عند عظم نعمه عليكم و الأولىدخول الكل فيه،ثم قال: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَظَلَمُواو الركون هو السكون إلى الشيء و الميلإليه بالمحبة و نقيضه النفور عنه، و قرأالعامة بفتح التاء و الكاف و الماضي من هذاركن كعلم و فيه لغة أخرى ركن يركن قالالأزهري: و ليست بفصيحة. قال المحققون:الركون المنهي عنه هو الرضا بما عليهالظلمة من الظلم و تحسين تلك الطريقة وتزيينها عندهم و عند غيرهم و مشاركتهم فيشيء من تلك الأبواب فأما مداخلتهم لدفعضرر أو اجتلاب منفعة عاجلة فغير داخل فيالركون، و معنى قوله: فَتَمَسَّكُمُالنَّارُ أي أنكم إن ركنتم إليهم فهذهعاقبة الركون، ثم قال: وَ ما لَكُمْ مِنْدُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ أي ليس لكمأولياء يخلصونكم من عذاب اللَّه.ثم قال: ثُمَّ لا تُنْصَرُونَو المراد لا تجدون من ينصركم من تلكالواقعة.و اعلم أن اللَّه تعالى حكم بأن من ركن إلىالظلمة لا بد و أن تمسه النار و إذا كانكذلك فكيف يكون حال الظالم في نفسه.
[في قوله تعالى وَ أَقِمِ الصَّلاةَطَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَاللَّيْلِ]
اعلم أنه تعالى لما أمره بالاستقامةأردفه بالأمر بالصلاة و ذلك يدل على أنأعظم العبادات بعد الإيمان باللَّه هوالصلاةو في الآية مسائل:
المسألة الأولى: رأيت في بعض «كتب القاضيأبي بكر الباقلاني» أن الخوارج تمسكوابهذه الآية في إثبات أن الواجب ليس إلاالفجر و العشاء من وجهين.
الوجه الأول: أنهما واقعان على طرفيالنهار و اللَّه تعالى أوجب إقامة الصلاةطرفي النهار، فوجب أن يكون هذا القدركافيا.فإن قيل: قوله: وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِيوجب صلوات أخرى.قلنا: لا نسلم فإن طرفي النهار موصوفانبكونهما زلفا من الليل فإن ما لا يكوننهارا يكون ليلا غاية ما في الباب أن هذايقتضي عطف الصفة على الموصوف إلا أن ذلككثير في القرآن و الشعر.الوجه الثاني: أنه تعالى قال: إِنَّالْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ وهذا يشعر بأن من صلى طرفي النهار كان