المسألة الثالثة: تمسك أصحابنا في بيان أنالإيمان من اللَّه تعالى بقولهتَوَفَّنِي مُسْلِماً - مفاتیح الشرائع جلد 18
لطفا منتظر باشید ...
القولنج الشديد و العياذ باللَّه منه أشدمن الشعور باللذة الحاصلة عند أكل الطعام.و ثانيها: أن هذه اللذة لا يمكن بقاؤها فإنالإنسان إذا أكل شبع و إذا شبع لم يبق شوقهللالتذاذ بالأكل فهذه اللذة ضعيفة، و معضعفها غير باقية. و ثالثها: أنها في نفسهاخسيسة فإن الأكل عبارة عن ترطيب ذلكالطعام بالبزاق المجتمع في الفم و لا شكأنه شيء منفر مستقذر ثم لما يصل إلىالمعدة تظهر فيه الاستحالة إلى الفساد والنتن و العفونة، و ذلك أيضا منفر. ورابعها: أن جميع الحيوانات الخسيسة مشاركةفيها فإن الروث في مذاق الجعل كاللوزنيجفي مذاق الإنسان و كما أن الإنسان يكرهتناول غذاء الجعل، فكذلك الجعل يكره تناولغذاء الإنسان، و أما اللذة فمشتركة فيمابين الناس. و خامسها: أن الأكل إنما يطيبعند اشتداد الجوع و تلك حاجة شديدة والحاجة نقص وافر.
و سادسها: أن الأكل يستحقر عند العقلاء.قيل: من كانت همته ما يدخل في بطنه فقيمتهما يخرج من بطنه، فهذا هو الإشارةالمختصرة في معايب الأكل، و أما لذةالنكاح، فكل ما ذكرناه في الأكل حاصل ههنامع أشياء أخرى، و هي أن النكاح سبب لحصولالولد، و حينئذ تكثر الأشخاص فتكثر الحاجةإلى المال فيحتاج الإنسان بسببها إلىالاحتيال في طلب المال بطرق لا نهاية لها،و ربما صار هالكا بسبب طلب المال، و أمالذة الرياسة فعيوبها كثيرة و الذي نذكرهههنا سبب واحد و هو أن كل أحد يكره بالطبعأن يكون خادما مأمورا و يحب أن يكون مخدوماآمرا، فإذا سعى الإنسان في أن يصير رئيساآمرا كان ذلك دالا على مخالفة كل ما سواه،فكأنه ينازع كل الخلق في ذلك، و هو يحاولتحصيل تلك الرياسة، و جميع أهل الشرق والغرب يحاولون إبطاله و دفعه، و لا شك أنكثرة الأسباب توجب قوة حصول الأثر و إذاكان كذلك كان حصول هذه الرياسة كالمعتذر ولو حصل فإنه يكون على شرف الزوال في كل حينو أوان بكل سبب من الأسباب و كان صاحبهاعند حصولها في الخوف الشديد من الزوال وعند زوالها في الأسف العظيم و الحزنالشديد بسبب ذلك الزوال.
و اعلم أن العاقل إذا تأمل هذه المعانيعلم قطعا أنه لا صلاح له في طلب هذه اللذاتو السعي في هذه الخيرات ألبتة. ثم إن النفسخلقت مجبولة على طلبها، و العشق الشديدعليها، و الرغبة التامة في الوصول إليها وحينئذ ينعقد ههنا قياف، و هون أن الإنسانما دام يكون في هذه الحياة الجسمانية فإنهيكون طالبا لهذه اللذات و ما دام يطلبهاكان في عين الآفات و في لجة الحسرات، و هذااللازم مكروه فالملزوم أيضا مكروه فحينئذيتمنى زوال هذه الحياة الجسمانية و السببفي الأمور المرغبة في الموت أن موجبات هذهاللذة الجسمانية متكررة و لا يمكن الزيادةعليها و التكرير يوجب الملالة أما سعاداتالآخرة فهي أنواع كثيرة غير متناهية.
قال الإمام فخر الدين الرازي رحمة اللَّهعليه و هو مصنف هذا الكتاب أنار اللَّهبرهانه. أنا صاحب هذه الحالة و المتوغلفيها، و لو فتحت الباب و بالغت في عيوب هذهاللذات الجسمانية فربما كتبت المجلدات وما وصلت إلى القليل منها فلهذا السبب صرتمواظبا في أكثر الأوقات على ذكر هذا الذيذكره يوسف عليه السلام و هو قوله: رَبِّقَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِالْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْياوَ الْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.
المسألة الثالثة: تمسك أصحابنا في بيان أنالإيمان من اللَّه تعالى بقولهتَوَفَّنِي مُسْلِماً
و تقريره أن تحصيل الإسلام و إبقاءه إذاكان من العبد كان طلبه من اللَّه فاسدا وتقريره كأنه يقول افعل يا من لا يفعل والمعتزلة أبدا يشنعون علينا و يقولون إذاكان الفعل من اللَّه فكيف يجوز أن يقالللعبد افعل مع أنك لست