قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍوَ ما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْقَوْلِكَ وَ ما نَحْنُ لَكَبِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلاَّاعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَإِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَ اشْهَدُواأَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54)مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّلا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُعَلَى اللَّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمْ مامِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌبِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍمُسْتَقِيمٍ (56)اعلم أنه تعالى لما حكى عن هود عليهالسلام ما ذكره للقوم، حكى أيضا ما ذكرهالقوم له و هو أشياء:أولها: قولهم: ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ أيبحجة، و البينة سميت بينة لأنها تبين الحقمن الباطل، و من المعلوم أنه عليه السلامكان قد أظهر المعجزات إلا أن القوم بجهلهمأنكروها، و زعموا أنه ما جاء بشيء منالمعجزات.و ثانيها: قولهم: وَ ما نَحْنُ بِتارِكِيآلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ و هذا أيضا ركيك،لأنهم كانوا يعترفون بأن النافع و الضارهو اللَّه تعالى و أن الأصنام لا تنفع و لاتضر، و متى كان الأمر كذلك فقد ظهر فيبديهة العقل أنه لا تجوز عبادتها و تركهمآلهتهم لا يكون عن مجرد قوله بل عن حكم نظرالعقل و بديهة النفس. و ثالثها: قوله: وَ مانَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ و هذا يدل علىالإصرار و التقليد و الجحود. و رابعها:قولهم: إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَبَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ يقال: اعتراهكذا إذا غشيه و أصابه. و المعنى: أنك شتمتآلهتنا فجعلتك مجنونا و أفسدت عقلك، ثمإنه تعالى ذكر أنهم لما قالوا ذلك قال هودعليه السلام: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّاتُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ و هو ظاهر.ثم قال: فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاتُنْظِرُونِ و هذا نظير ما قاله نوح عليهالسلام لقومه: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْوَ شُرَكاءَكُمْ إلى قوله: وَ لاتُنْظِرُونِ [يونس: 71].