المسألة الأولى: قال صاحب «الكشاف»: لاتَأْمَنَّا قرىء بإظهار النونين وبالإدغام بإشمام و بغير إشمام،
و المعنى لم تخافنا عليه و نحن نحبه و نريدالخير به.
المسألة الثانية: في يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ خمس قراآت:
القراءة الأولى:قرأ ابن كثير: بالنون، و بكسر عين نرتع منالارتعاء، و يلعب بالياء و الارتعاءافتعال من رعيت، يقال: رعت الماشية الكلأترعاه رعيا إذا أكلته، و قوله: نرتعالارتعاء للإبل و المواشي، و قد أضافوهإلى أنفسهم، لأن المعنى نرتع إبلنا، ثمنسبوه إلى أنفسهم لأنهم هم السبب في ذلكالرعي، و الحاصل أنهم أضافوا الارتعاء والقيام بحفظ المال إلى أنفسهم لأنهمبالغون كاملون و أضافوا اللعب إلى يوسفلصغره.القراءة الثانية:قرأ نافع: كلاهما بالياء و كسر العين منيرتع أضاف الارتعاء إلى يوسف بمعنى أنهيباشر رعي الإبل ليتدرب بذلك فمرة يرتع ومرة يلعب كفعل الصبيان.القراءة الثالثة:قرأ أبو عمرو و ابن عامر نرتع بالنون و جزمالعين و مثله نلعب. قال ابن الأعرابي:الرتع الأكل بشره، و قيل: إنه الخصب، وقيل: المراد من اللعب الإقدام علىالمباحات و هذا يوصف به الإنسان، و أمانلعب فروي أنه قيل لأبي عمرو: كيف يقولوننلعب و هم أنبياء؟ فقال لم يكونوا يومئذأنبياء، و أيضا جاز أن يكون المراد مناللعب الإقدام على المباحات لأجل انشراحالصدر كما روي عن النبي صلّى الله عليهوسلّم أنه قال لجابر: «فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك» و أيضا كان لعبهم الاستباق، والغرض منه تعلم المحاربة و المقاتلة معالكفار، و الدليل عليه قولهم: إنا ذهبنانستبق و إنما سموه لعبا لأنه في صورته.القراءة الرابعة:قرأ أهل الكوفة: كليهما بالياء و سكونالعين، و معناه إسناد الرتع و اللعب إلىيوسف عليه السلام.القراءة الخامسة:يَرْتَعْ بالياء وَ نَلْعَبُ بالنون وهذا بعيد، لأنهم إنما سألوا إرسال يوسفمعهم ليفرح هو باللعب لا ليفرحوا باللعب،و اللَّه أعلم.
[سورة يوسف (12): الآيات 13 الى 14]
قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْتَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْيَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُغافِلُونَ (13) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُالذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّاإِذاً لَخاسِرُونَ (14)اعلم أنهم لما طلبوا منه أن يرسل يوسفمعهم اعتذر إليهم بشيئين: أحدهما: أنذهابهم به و مفارقتهم إياه مما يحزنه لأنهكان لا يصبر عنه ساعة. و الثاني: خوفه عليهمن الذئب إذا غفلوا عنه برعيهم أو لعبهملقلة اهتمامهم به. قيل: إنه رأى في النوم أنالذئب شد على يوسف، فكان يحذره فمن هذا ذكرذلك، و كأنه لقنهم الحجة، و في أمثالهمالبلاء موكل بالمنطق. و قيل: الذئاب كانتفي أراضيهم كثيرة، و قرىء الذِّئْبُبالهمز على الأصل و بالتخفيف. و قيل:اشتقاقه من تذاءبت الريح إذا أتت من كلجهة، فلما ذكر يعقوب عليه السلام هذاالكلام أجابوا بقولهم: لَئِنْ أَكَلَهُالذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّاإِذاً لَخاسِرُونَو فيه سؤالات:السؤال الأول: ما فائدة اللام في قوله:لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ.و الجواب من وجهين: الأول: أن كلمة إن تفيدكون الشرط مستلزما للجزاء، أي إن و قعت هذهالواقعة فنحن خاسرون، فهذه اللام دخلتلتأكيد هذا الاستلزام. الثاني: قال صاحب«الكشاف» هذه اللام تدل على